محمد قدام: إطار سام سابق في مجمع سوناطراك
بداية يجب التنبيه إلى أن هذه المساهمة يراد منها تقريب الفهم للجزائريين وليست ذات طابع تقني أكاديمي أو سياسي، فليس هناك من قضية اقتصادية منذ الاستقلال قسمت الجزائريين وأخرجت عددا منهم إلى الشارع مثل قضية تقييم واحتمال استغلال القدرات الوطنية للغاز الطبيعي غير التقليدي الذي يسمى خطأ “الغاز الصخري”، فقد قيل الكثير عنه، منه ما كان معقولا، ومنه ما كان خياليا. ولكن ماذا يمثل هذا الغاز الطبيعي في الواقع؟
هل هناك اختلاف بين تركيبة الغاز التقليدي والغاز غير التقليدي؟ الجواب لا بطبيعة الحال، ففي كلتا الحالتين يتعلق الأمر بغاز طبيعي نقوم باستغلاله واستهلاكه، وهو يتكون أساسا من مادة الميثان وكميات أقل من مادة الإيثان والبروبان وبعض من الترسبات من مياه وأوكسيد الكربون، ويجب التأكيد على أن هذه المواد هي نفسها سواء أكان الأمر يتعلق بالغاز المستخرج في حقول تقليدية مثل حاسي مسعود أو روغد النص أو أدرار أو عين صالح، أو بالنسبة للغاز الذي يمكن استخراجه غدا من مختلف الحقول غير التقليدية، فليس هنالك أي تباين واختلاف.
لماذا نقول تقليدي وغير تقليدي؟ لإيجاد الاختلاف بينهما يجب الرجوع إلى مسار تكوين الغاز الذي يعود لعشرات المئات من السنين. فبفعل الضغط والتفاعلات الكيميائية نشأ الغاز ليسري في البنى الجيولوجية المعروفة تحت اسم “الصخرة الأم”، ويتسرب الغاز نتيجة وجود مسامات وقابلية النفاذ، لكن حينما يدخل الغاز إلى صخرة بها مسامات ولكنها غير قابلة للنفاذ، فإنه يبقى محبوسا بها. وعليه، فإن الغاز يعرف بأنه غير تقليدي. وتتواصل الهجرة وفقا للصدفة حتى يتسرب الغاز في الصخور المسامية في محيط غير قابل لنفاذ السوائل، الطين على سبيل المثال، ويصبح حبيسا في نهاية المطاف. وهذا هو حال ما يسمى الحقول التقليدية المذكورة أعلاه. وسميت هذه المخزونات تقليدية منذ ظهور المحروقات حتى ماض قريب. ويعرف بأنه تقليدي لأنه كان حقيقة متفقا عليها، لأن الغاز الذي نقوم باستغلاله لم يتشكل في المخزون الذي ننتج ونستخرج منه، ولكنه هاجر من أماكن أخرى للوصول إلى المخزون.
ومع ذلك، فإن كميات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط أيضا لم تتمكن من التسرب من الصخور الأم، حيث تشكلت فيها لأن هذه الأخيرة ليست سهلة الاختراق لتمكينها من التسرب والهجرة. ولا يزال الغاز محاصرا هناك، وهذه الصخور الأم تحتوي على الغاز الطبيعي منذ تشكلها إلى يومنا هذا، وهو ما يعرف بالغاز غير التقليدي، ويعرف هكذا لأنه عكس ما هو متفق عليه وما هو معتاد على النحو المبين أعلاه. إن تسمية الغاز الصخري أدخلت الكثير من الارتباك. في واقع الأمر هذه المادة ليست غازا صخريا، لأن الغاز الصخري ببساطة لا وجود له، كما هو الحال بالنسبة لغاز الرمال أو الغاز الطيني. بل يتعلق الأمر بغاز طبيعي متواجد وحبيس داخل الصخر، وهو الاسم الذي يطلق على أي صخور تتشكل على شكل طبقات.
ما هو الفرق بين استغلال الغاز التقليدي وغير التقليدي؟ من الناحية التقنية لا يوجد أي اختلاف أو تباين بين استغلال الغازين، ففي كلتا الحالتين يتعين القيام بحفر آبار أفقية أو عمودية، وإمكانية تكسير الصخر الذي يحوي الغاز لتحريره والسماح له بالنفاذ إلى رأس البئر أو السطح. وفي كلتا الحالتين أيضا، فإن عملية التكسير الصخري تتطلب كمية من المياه وإضافات مواد كيميائية أو بيولوجية، هذه الأخيرة تم إدخالها مؤخرا.
وتتمثل الاختلافات الرئيسية في 5 نقاط أساسية هي:
أولا: في حالة الغاز التقليدي، لا توجد ضرورة للقيام بحفر آبار أفقية حينما يكون المخزون سميكا. بالمقابل، إذا كان المخزون عكس ذلك، فإن اللجوء إلى حفر آبار أفقية يصبح ضروريا حتى في حالة الغاز التقليدي لمضاعفة نسبة صرف الغاز. وفي حالة الغاز غير التقليدي، فإن اللجوء إليه يتطلب حفر آبار أفقية لأن الأمر لا يتعلق بمخزون ولكن طبقات صخرية يكون فيها الغاز محبوسا.
ثانيا: في حالة الغاز الصخري، ليس بالضرورة القيام بعمليات تكسير حينما يكون بالمخزون مسامات كافية، على غرار ما هو موجود في حقل حاسي الرمل. وعلى العكس من ذلك، إذا كان المخزون قليل المسامات، أي ليس به ثقوب ينفذ منها الغاز ويتواصل داخل الصخر، فإن اللجوء إلى التكسير يصبح ضروريا حتى في حالة الغاز التقليدي. أما في حالة الغاز غير التقليدي، ولأن “الشيست” صخر غير قابل للاختراق وقليل المسامات، فإن التكسير الهيدروليكي يصبح ضرورة.
ثالثا: مدة حياة أو مدة صلاحية استغلال بئر غير تقليدي محدودة جدا مقارنة ببئر في الغاز التقليدي، ومنه يصبح من اللازم حفر أعداد أكبر من الآبار للإبقاء على مستوى الإنتاج.
رابعا: عدد الآبار الضرورية لإنتاج الكمية نفسها من الغاز التقليدي على نفس المدة أو الفترة يمكن أن يصل إلى 10 مرات أكثر من الغاز غير التقليدي.
خامسا: كميات المياه الضرورية لتكسير الصخور التي تحوي الغاز غير التقليدي أكبر بكثير مما يتطلبه استغلال الغاز التقليدي، بمعدل 10 إلى 20 مترا مكعبا في المتر للقسم الأفقي لحفر البئر، فحفر بئر أفقيا على عمق 1000 متر يستهلك حوالي 10.000 إلى 20.000 متر مكعب من الماء. هذه الاختلافات تجعل من تكاليف تطوير مخزون لغاز غير تقليدي أكبر بكثير مقارنة بتطوير مخزون لغاز تقليدي. إلى ذلك يجب إضافة التكاليف المرتبطة بمعالجة المياه المستخدمة، وهذه الأمور هي التي تدفع بعض المختصين والخبراء إلى التأكيد على أن استغلال الغاز غير التقليدي لن يحقق مردودية عالية في الوقت الراهن في الجزائر.
لقد ذهب البعض بعيدا حينما توقعوا إمكانية حدوث زلازل جراء عمليات التكسير الهيدروليكي، فإذا كان الأمر كذلك، فإن حاسي مسعود ستكون اليوم المنطقة الأكثر تسجيلا للهزات الأرضية في البلاد، لأننا نقوم بعمليات التكسير الهيدروليكي بأعداد كبيرة، لكن أيضا عمليات حفر أفقية مند سنوات التسعينات.
ومن المعلوم أن الزلازل تحدث نتيجة تحرير مفاجئ لقيود تراكمت على طول الصدوع على مستوى القشرة الأرضية بفعل الضغط الممارس مع تقارب الصفائح التكتونية، ولكن عملية التكسير الهيدروليكي لا تقوم بتحريك الصفائح التكتونية ولا تحدث أية ثغرات، بل تؤدي إلى بروز شروخ مجهرية لا تتجاوز بضع عشرات الأمتار حول القسم الأفقي من البئر. هذا التوقع هو لحسن الحظ مرة أخرى ضرب من الخيال ليس إلا.
أما بالنسبة لأولئك الذين ينادون بإصدار قرار منع يخص الغاز الصخري ويستشهدون على ذلك بمواقع التجارب النووية برڤان وواد الناموس وحوض بركان، فأقول صراحة ليس من الشرف والشهامة والصدق التلاعب بمشاعر الناس واستغلال أو توظيف معاناتهم الماضية والحاضرة في محاولة مقارنة ما لا يقارن، أي تشبيه تقنيات إنتاج النفط والغاز بالاختبارات النووية مع كل المخاطر التي تمثلها هذه الأخيرة، فإذا كانت المقارنة تقام عن جهل، فإنه من الأجدر أن نتحكم في المجال قبل أن نكتب حقائق مغلوطة أو إفساح المجال للخبراء، أما إذا كان الأمر مقصودا لإخافة الناس وبعث الرعب في قلوبهم، فإن ذلك من قبيل خيانة الأمانة الفكرية الواضحة، فأي مفكر يُعنى أولا بنقل المعلومات الموثوقة للقارئ، وأنا مبدئيا لست ضد إصدار إجراء منع للغاز الصخري إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، وكان القرار مبنيا على حقائق علمية مؤكدة وناتجة عن إجماع ودراية وحوار مفتوح بين الخبراء والأخصائيين، ولكن لا يمكن أن يتم ذلك على أساس مخاطر مفترضة أو معلنة خبط عشواء من قبل أي كان.
وعودة إلى المسألة ذات الصلة التي تعتبر القضية الأكثر إثارة للقلق والوحيدة أيضا التي تستحق النقاش حولها، ويتعلق الأمر بنضوب أو استنزاف أو تلوث المياه الجوفية في الجزائر، فبشأن النضوب وإذا افترضنا عدم وجود إعادة استخدام المياه وأن كل عملية تكسير تتطلب 20 ألف متر مكعب، فإن 12 ألف بئر المبرمجة في حالة استغلال الغاز الصخري ستستهلك في المجموع 250 مليون متر مكعب من المياه أو ما يمثل 0.0006% من مجموع 40 ألف مليار متر مكعب من المياه التي تحوزها البلاد، وهي كمية هامشية، وعليه فإن برنامج حفر 200 بئر في السنة على عدة عقود ستضيف 4 مليون متر مكعب إلى 5 ملايير مستخرجة سنويا للقطاع الفلاحي والحاجيات المتصلة بالأسر والأفراد، أي بارتفاع الاستهلاك السنوي بـ0.08%، ولكن يجب التنبيه بأن نسبة 80% من هذه المياه سيتم إعادة رسكلتها ليتم استخدامها في عملية التكسير اللاحقة، بينما تضيع حوالي 20% ويتم معالجتها بفضل تقنيات موجودة أو أخرى قيد التطوير، وبالتالي فإن مشكلة استهلاك المياه لا تطرح البتة.
المصادر: 1، 2.
بداية يجب التنبيه إلى أن هذه المساهمة يراد منها تقريب الفهم للجزائريين وليست ذات طابع تقني أكاديمي أو سياسي، فليس هناك من قضية اقتصادية منذ الاستقلال قسمت الجزائريين وأخرجت عددا منهم إلى الشارع مثل قضية تقييم واحتمال استغلال القدرات الوطنية للغاز الطبيعي غير التقليدي الذي يسمى خطأ “الغاز الصخري”، فقد قيل الكثير عنه، منه ما كان معقولا، ومنه ما كان خياليا. ولكن ماذا يمثل هذا الغاز الطبيعي في الواقع؟
هل هناك اختلاف بين تركيبة الغاز التقليدي والغاز غير التقليدي؟ الجواب لا بطبيعة الحال، ففي كلتا الحالتين يتعلق الأمر بغاز طبيعي نقوم باستغلاله واستهلاكه، وهو يتكون أساسا من مادة الميثان وكميات أقل من مادة الإيثان والبروبان وبعض من الترسبات من مياه وأوكسيد الكربون، ويجب التأكيد على أن هذه المواد هي نفسها سواء أكان الأمر يتعلق بالغاز المستخرج في حقول تقليدية مثل حاسي مسعود أو روغد النص أو أدرار أو عين صالح، أو بالنسبة للغاز الذي يمكن استخراجه غدا من مختلف الحقول غير التقليدية، فليس هنالك أي تباين واختلاف.
لماذا نقول تقليدي وغير تقليدي؟ لإيجاد الاختلاف بينهما يجب الرجوع إلى مسار تكوين الغاز الذي يعود لعشرات المئات من السنين. فبفعل الضغط والتفاعلات الكيميائية نشأ الغاز ليسري في البنى الجيولوجية المعروفة تحت اسم “الصخرة الأم”، ويتسرب الغاز نتيجة وجود مسامات وقابلية النفاذ، لكن حينما يدخل الغاز إلى صخرة بها مسامات ولكنها غير قابلة للنفاذ، فإنه يبقى محبوسا بها. وعليه، فإن الغاز يعرف بأنه غير تقليدي. وتتواصل الهجرة وفقا للصدفة حتى يتسرب الغاز في الصخور المسامية في محيط غير قابل لنفاذ السوائل، الطين على سبيل المثال، ويصبح حبيسا في نهاية المطاف. وهذا هو حال ما يسمى الحقول التقليدية المذكورة أعلاه. وسميت هذه المخزونات تقليدية منذ ظهور المحروقات حتى ماض قريب. ويعرف بأنه تقليدي لأنه كان حقيقة متفقا عليها، لأن الغاز الذي نقوم باستغلاله لم يتشكل في المخزون الذي ننتج ونستخرج منه، ولكنه هاجر من أماكن أخرى للوصول إلى المخزون.
ومع ذلك، فإن كميات كبيرة من الغاز الطبيعي والنفط أيضا لم تتمكن من التسرب من الصخور الأم، حيث تشكلت فيها لأن هذه الأخيرة ليست سهلة الاختراق لتمكينها من التسرب والهجرة. ولا يزال الغاز محاصرا هناك، وهذه الصخور الأم تحتوي على الغاز الطبيعي منذ تشكلها إلى يومنا هذا، وهو ما يعرف بالغاز غير التقليدي، ويعرف هكذا لأنه عكس ما هو متفق عليه وما هو معتاد على النحو المبين أعلاه. إن تسمية الغاز الصخري أدخلت الكثير من الارتباك. في واقع الأمر هذه المادة ليست غازا صخريا، لأن الغاز الصخري ببساطة لا وجود له، كما هو الحال بالنسبة لغاز الرمال أو الغاز الطيني. بل يتعلق الأمر بغاز طبيعي متواجد وحبيس داخل الصخر، وهو الاسم الذي يطلق على أي صخور تتشكل على شكل طبقات.
ما هو الفرق بين استغلال الغاز التقليدي وغير التقليدي؟ من الناحية التقنية لا يوجد أي اختلاف أو تباين بين استغلال الغازين، ففي كلتا الحالتين يتعين القيام بحفر آبار أفقية أو عمودية، وإمكانية تكسير الصخر الذي يحوي الغاز لتحريره والسماح له بالنفاذ إلى رأس البئر أو السطح. وفي كلتا الحالتين أيضا، فإن عملية التكسير الصخري تتطلب كمية من المياه وإضافات مواد كيميائية أو بيولوجية، هذه الأخيرة تم إدخالها مؤخرا.
وتتمثل الاختلافات الرئيسية في 5 نقاط أساسية هي:
أولا: في حالة الغاز التقليدي، لا توجد ضرورة للقيام بحفر آبار أفقية حينما يكون المخزون سميكا. بالمقابل، إذا كان المخزون عكس ذلك، فإن اللجوء إلى حفر آبار أفقية يصبح ضروريا حتى في حالة الغاز التقليدي لمضاعفة نسبة صرف الغاز. وفي حالة الغاز غير التقليدي، فإن اللجوء إليه يتطلب حفر آبار أفقية لأن الأمر لا يتعلق بمخزون ولكن طبقات صخرية يكون فيها الغاز محبوسا.
ثانيا: في حالة الغاز الصخري، ليس بالضرورة القيام بعمليات تكسير حينما يكون بالمخزون مسامات كافية، على غرار ما هو موجود في حقل حاسي الرمل. وعلى العكس من ذلك، إذا كان المخزون قليل المسامات، أي ليس به ثقوب ينفذ منها الغاز ويتواصل داخل الصخر، فإن اللجوء إلى التكسير يصبح ضروريا حتى في حالة الغاز التقليدي. أما في حالة الغاز غير التقليدي، ولأن “الشيست” صخر غير قابل للاختراق وقليل المسامات، فإن التكسير الهيدروليكي يصبح ضرورة.
ثالثا: مدة حياة أو مدة صلاحية استغلال بئر غير تقليدي محدودة جدا مقارنة ببئر في الغاز التقليدي، ومنه يصبح من اللازم حفر أعداد أكبر من الآبار للإبقاء على مستوى الإنتاج.
رابعا: عدد الآبار الضرورية لإنتاج الكمية نفسها من الغاز التقليدي على نفس المدة أو الفترة يمكن أن يصل إلى 10 مرات أكثر من الغاز غير التقليدي.
خامسا: كميات المياه الضرورية لتكسير الصخور التي تحوي الغاز غير التقليدي أكبر بكثير مما يتطلبه استغلال الغاز التقليدي، بمعدل 10 إلى 20 مترا مكعبا في المتر للقسم الأفقي لحفر البئر، فحفر بئر أفقيا على عمق 1000 متر يستهلك حوالي 10.000 إلى 20.000 متر مكعب من الماء. هذه الاختلافات تجعل من تكاليف تطوير مخزون لغاز غير تقليدي أكبر بكثير مقارنة بتطوير مخزون لغاز تقليدي. إلى ذلك يجب إضافة التكاليف المرتبطة بمعالجة المياه المستخدمة، وهذه الأمور هي التي تدفع بعض المختصين والخبراء إلى التأكيد على أن استغلال الغاز غير التقليدي لن يحقق مردودية عالية في الوقت الراهن في الجزائر.
لقد ذهب البعض بعيدا حينما توقعوا إمكانية حدوث زلازل جراء عمليات التكسير الهيدروليكي، فإذا كان الأمر كذلك، فإن حاسي مسعود ستكون اليوم المنطقة الأكثر تسجيلا للهزات الأرضية في البلاد، لأننا نقوم بعمليات التكسير الهيدروليكي بأعداد كبيرة، لكن أيضا عمليات حفر أفقية مند سنوات التسعينات.
ومن المعلوم أن الزلازل تحدث نتيجة تحرير مفاجئ لقيود تراكمت على طول الصدوع على مستوى القشرة الأرضية بفعل الضغط الممارس مع تقارب الصفائح التكتونية، ولكن عملية التكسير الهيدروليكي لا تقوم بتحريك الصفائح التكتونية ولا تحدث أية ثغرات، بل تؤدي إلى بروز شروخ مجهرية لا تتجاوز بضع عشرات الأمتار حول القسم الأفقي من البئر. هذا التوقع هو لحسن الحظ مرة أخرى ضرب من الخيال ليس إلا.
أما بالنسبة لأولئك الذين ينادون بإصدار قرار منع يخص الغاز الصخري ويستشهدون على ذلك بمواقع التجارب النووية برڤان وواد الناموس وحوض بركان، فأقول صراحة ليس من الشرف والشهامة والصدق التلاعب بمشاعر الناس واستغلال أو توظيف معاناتهم الماضية والحاضرة في محاولة مقارنة ما لا يقارن، أي تشبيه تقنيات إنتاج النفط والغاز بالاختبارات النووية مع كل المخاطر التي تمثلها هذه الأخيرة، فإذا كانت المقارنة تقام عن جهل، فإنه من الأجدر أن نتحكم في المجال قبل أن نكتب حقائق مغلوطة أو إفساح المجال للخبراء، أما إذا كان الأمر مقصودا لإخافة الناس وبعث الرعب في قلوبهم، فإن ذلك من قبيل خيانة الأمانة الفكرية الواضحة، فأي مفكر يُعنى أولا بنقل المعلومات الموثوقة للقارئ، وأنا مبدئيا لست ضد إصدار إجراء منع للغاز الصخري إذا كانت الضرورة تقتضي ذلك، وكان القرار مبنيا على حقائق علمية مؤكدة وناتجة عن إجماع ودراية وحوار مفتوح بين الخبراء والأخصائيين، ولكن لا يمكن أن يتم ذلك على أساس مخاطر مفترضة أو معلنة خبط عشواء من قبل أي كان.
وعودة إلى المسألة ذات الصلة التي تعتبر القضية الأكثر إثارة للقلق والوحيدة أيضا التي تستحق النقاش حولها، ويتعلق الأمر بنضوب أو استنزاف أو تلوث المياه الجوفية في الجزائر، فبشأن النضوب وإذا افترضنا عدم وجود إعادة استخدام المياه وأن كل عملية تكسير تتطلب 20 ألف متر مكعب، فإن 12 ألف بئر المبرمجة في حالة استغلال الغاز الصخري ستستهلك في المجموع 250 مليون متر مكعب من المياه أو ما يمثل 0.0006% من مجموع 40 ألف مليار متر مكعب من المياه التي تحوزها البلاد، وهي كمية هامشية، وعليه فإن برنامج حفر 200 بئر في السنة على عدة عقود ستضيف 4 مليون متر مكعب إلى 5 ملايير مستخرجة سنويا للقطاع الفلاحي والحاجيات المتصلة بالأسر والأفراد، أي بارتفاع الاستهلاك السنوي بـ0.08%، ولكن يجب التنبيه بأن نسبة 80% من هذه المياه سيتم إعادة رسكلتها ليتم استخدامها في عملية التكسير اللاحقة، بينما تضيع حوالي 20% ويتم معالجتها بفضل تقنيات موجودة أو أخرى قيد التطوير، وبالتالي فإن مشكلة استهلاك المياه لا تطرح البتة.
المصادر: 1، 2.