قام تيم كوك بأكبر ابتعاد له عن إرث ستيف جوبز باختياره إعادة مليارات من الدولارات لحملة الأسهم في صورة أرباح موزعة، وكذلك من خلال برنامج لإعادة شراء الأسهم.
وألمح الرئيس التنفيذي الجديد لأبل، بالفعل، إلى انتهاج مسار آخر مختلف عن سلفه المشهور بتشدده في إنفاق المال، حيث قال في العام الماضي إنه ''ليست لديه تشدد'' فيما يختص بكومة السيولة لدى شركة أبل التي تقدر الآن بأكثر من 100 مليار دولار.
إن نهجه المحسوب بدقة في توزيع الأموال على المستثمرين لن يظهر وكأنه بدعة أمام مجلس الإدارة، وحملة الأسهم، والمحللين، الذين يشعر معظمهم بأنه حتى أن جوبز كان سوف يراجع موقفه في ظل وضع السيولة المنتفخ للغاية.
وقال مايكل سانسوتيرا، مدير صندوق بردجوورث الإنمائي الرأسمالي الكبير الذي لديه أسهم في أبل، إن إعادة الأموال إلى المستثمرين، لم تتسبب بأي خيبة أمل، وفي ظل مثل هذه المعدلات المنخفضة من الفائدة، ''فإن أي شيء يفعلونه بتلك السيولة أفضل من لا شيء''.
''إن ما يتسبب به ذلك في النهاية هو توسيع قاعدة المساهمين لكي تشمل أولئك المستثمرين، ولا سيما تلك الصناديق التي يجب أن تحصل على أرباح موزعة كشرط مسبق (لكي تستثمر)''.
قد يعود تردد جوبز في توزيع سيولة الشركة إلى صراعات أبل السابقة التي أرغمت إدارة الشركة عام 1995 على تعليق توزيع الأرباح. وحين عاد جوبز إلى الشركة بعد عام من ذلك، كانت قريبة من الإفلاس.
وقد حافظ من خلفوه على هذا الخط لغاية الآن. وقال كوك إنه ليس هنالك ''حفلات تنكرية'' لديه.
غير أن نجاح آيفون، وآيباد، أضافا في السنة المالية الماضية مبلغ 31 مليار دولار من السيولة للشركة. وزاد الرقم بـ 16 مليار دولار أخرى في ربعها المنتهي بكانون الأول (ديسمبر) وحده بينما بدأ بيع آيفون 4S. وبلغ مجموع سيولتها التي تستثمرها في أوراق مالية من بينها سندات الخزانة الأمريكية 97.6 مليار دولار في نهاية العام الماضي.
وقام كوك، وكبير المسؤولين الماليين في الشركة، أوبنهايمر، بشرح تغير الاتجاه للمحليين أخيرا.
أولاً، اقتطعت أبل سيولتها الخارجية – 64 مليار دولار، أو ثلثا المجموع الكلي – حيث إن استعادتها سوف تجعلها عرضة للضرائب.
وقال أوبنهايمر ''نعتقد أن قوانين الضريبة الحالية تقدم عدم حافز اقتصادي معتبر للشركات الأمريكية التي لولا ذلك لقامت باستعادة كم كبير من السيولة الخارجية الخاصة بها''.
ثانياً، قال كوك إن أبل قررت ما تحتاج إليه لكي تستطيع الاستثمار في تقديم منتجات مبتكرة – يحتمل أن يتضمن ذلك القيام بعمليات استحواذ، أو ضمان إمدادات المكونات عن طريق الدفع مقدماً.
وأكد كوك ''بعد أن قمنا بكل ذلك، واحتطنا لكي تكون لدينا سيولة للقيام بأمور لا يمكننا توقعها الآن، فقد ظلت لدينا سيولة فائضة، بما في ذلك الكثير لإدارة نشاطنا العملي. وفي ظل ذلك، شعرنا أنه قد يكون من الصواب توزيع أرباح، وتوسيع قاعدة مساهمينا خلال هذه العملية''.
وستوزع أبل عشرة مليارات دولار في صورة أرباح يحصل عليها المساهمون في عامها الأول، أي نحو 3.6 في المائة مما يتوقع أن تدفعه شركات مؤشر ستاندرد آند بورس الـ 500، هذا العام. وتخطط أبل كذلك لعمليات إعادة شراء أسهم بقيمة عشرة مليارات دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وعلى الرغم مما تدعيه الشركة من أن المجموع سوف يجعلها واحدة أكثر شركة توزع الأرباح في الولايات المتحدة، فإن مقارنة أخرى تجعلها وكأنها تفتح محفظتها بأسنان محكمة.
ستكون أبل أكبر جهة تدفع خلف أيه تي آند تي، التي يصل إجمالي أرباحها السنوية الموزعة على المساهمين إلى نحو 10.4 مليار دولار. غير أن عوائدها متدنية – 1.8 في المائة مقارنة مع أيه تي آند تي التي تصل نسبة عوائدها إلى قرابة 6 في المائة، وهناك 236 شركة أخرى تفاخر بتحقيق عوائد أعلى، وذلك وفقاً لسي آند بي كابيتال آي كيو.
قال هوارد سيلفربلات، محلل المؤشرات رفيع المنصب في إس أند بي: ''ربما توجه الانتقادات إلى عوائد أبل بصفتها متدنية، ولكن القضايا الاستهلالية لها تاريخ بمعدلات استهلالية أدنى، ثم تزداد مع مرور العام. فصناديق توزيع الأرباح ساخنة.. ومن شأن استهلال أبل أن يضيف إلى الجنون''.
ولم تعط أبل أية إشارة إلى أنها ربما تزيد توزيع الأرباح في المستقبل، وتقول فقط إن هذا الأمر، وإعادة الشراء، ستتم مراجعتهما بشكل دوري.
لكن يأمل المحللون في أن يطلق ذلك نظرة جديدة نحو دفعات الأرباح من قبل مجموعات تقنية أخرى. وقال بول أتكنسون، رئيس أسهم شمال أمريكا في أبردين أسيت مانجمينت: ''نتوقع رؤية المزيد من الشركات الأمريكية التي تحذو حذو أبل، وأن تزيد تلك التي تدفع الأرباح فعلياً مستوياتها من الدفعات''.
وارتفع سعر سهم أبل إلى قرابة 600 دولار، بارتفاع نسبته 2.3 في المائة في تداول منتصف الظهيرة في نيويورك. ولم يحبط كوك آمال المستثمرين بتقسيم آخر نسبته 2 إلى 1 للسهم، الأمر الذي يحدث للمرة الأولى منذ عام 2005، وقال إن ذلك ''أمر سوف نواصل التطلع إليه''.
بالنسبة إلى الوقت الحالي، يقيم مشجعو أبل كيف أن إنفاق 600 دولار تم الحصول عليها بصعوبة، ربما يتجاوز شراء سهم وحيد لأبل، والذي سيعود عليهم بعوائد تبلغ نحو عشرة دولارات سنوياً، بدلاً من اختيار آي باد 32 غيغا بايت جديد بالمبلغ ذاته.