خطة البحث
مقدمة
المبحث
الأول : ماهية ميزان المدفوعات
المطلب الأول : مفهوم و أهمية
ميزان المدفوعات
المطلب الثاني :عناصر ميزان المدفوعات
المطلب الثالث : أسباب و أنواع
الإختلالات في ميزان المدفوعات
المطلب الرابع : العوامل المؤثرة
في ميزان المدفوعات
المبحث
الثاني : طرق معالجة
الخلل في ميزان المدفوعات
المطلب الأول : التصحيح عن طريق
آلية السوق
المطلب الثاني : التصحيح عن طريق تدخل السلطات العامة
المبحث
الثالث : وضعية ميزان المدفوعات في الجزائر
المطلب الأول : تطورات ميزان المدفوعات في الثمانينات
المطلب الثاني : تطور المديونية
الخارجية
المطلب الثالث : تطورات ميزان المدفوعات وأرصدته خلال التسعينات
الخــــاتمة
مــقــدمــة
إن
المعاملات الاقتصادية بين دول العالم يترتب عليها استحقاقات مالية متبادلة يتعين
تسويتها في الحال أو في المستقبل ولذلك فمن المهم لكل دولة أن تعرف على وجه
التحديد حقوقها قبل العالم الخارجي وإلتزاماتها نحوه. ولذا فهي تعد بيانا تسجل فيه حقوقها
وإلتزاماتها. هذا البيان يسمى<< ميزان المدفوعات>> وغالبا ما يظهر هذا الميزان إختلال العلاقات
الاقتصادية بين الدولة و العالم الخارجي بحيث يعطي صورة واضحة للسلطات المسؤولة في
الدولة ليس فقط عن نقاط القوة والضعف في الموقف الخارجي للاقتصاد الوطني، ولكن
أيضا عن تأثير المعاملات الخارجية على الدخل الوطني ومستوى التشغيل في الداخل. ومن
هنا يمكن طرح الإشكالية التالية :
ما
المقصود بميزان المدفوعات ؟.
و التي
تتفرع عليه مجموعة من التساؤلات هي :
1- ماهية
ميزان المدفوعات و مكوناته و أسباب اختلاله؟.
2- كيفية
تصحيح هذه الإختلالات ووضعية الميزان التجاري في الجزائر؟.
وهذه
التساؤلات يمكن الإجابة عليها من خلال تقسيم البحث إلى :
المبحث
الأول : ونتعرض فيه لماهية ميزان المدفوعات .
المبحث
الثاني: ويتناول طرق معالجة الخلل في
ميزان المدفوعات .
المبحث
الثالث: من خلاله نتعرض لوضعية ميزان
المدفوعات في الجزائر.
المطلب الأول : مفهوم أهمية ميزان المدفوعات
1 –
مفهوم ميزان المدفوعات
يعرف ميزان
المدفوعات لدولة ما بأنه سجل منظم أو بيان حسابي شامل لكل المعاملات الاقتصادية
التي تتم بين المقيمين في الدولة والمقيمين في الدول الأخرى خلال فترة زمنية عادة
ما تكون سنة.(1)
ويبغي أن
يكون واضحا من هذا التعريف ما يلي
1- ينصب
إهتمام ميزان المدفوعات فقط على المعاملات الاقتصادية الخارجية سواء تولد عنها
حقوقا للمقيمين لدى غير المقيمين , أو نتج عنها حقوقا لغير المقيمين يتعين على
المقيمين أداؤها, أما المعاملات الاقتصادية الداخلية بين المقيمين على إقليم نفس
الدولة فلا شان لميزان المدفوعات بها.
2- يعتبر
الوطنيون هم المقيمون عادة على إقليم الدولة.فالأشخاص الذين يقيمون بصفة عرضية على
ارض الدولة لا يعتبرون من الوطنيين, كالأجانب الوافدين بغرض السياحة.
3- يشمل
مفهوم المقيمين كل الأشخاص الطبيعيين والأعتباريين( بنوك , شركات , مؤسسات
....الخ) الذين يزاولون نشاطهم داخل إقليم الدولة بما في ذلك مياهها الإقليمية
ومجالها الجوي . يضاف إلى ذلك السفن والطائرات التي تحمل علم الدولة وأساطيل الصيد
في المياه الدولية التي تدار عن طريق رعاياها .
4- لاتوجد
قاعدة محددة في تحديد بداية الفترة الزمنية التي يغطيها الميزان . فعلى حين تبدأ
بعض الدول فترة السنة في أول جانفي وتنهيها في أخر ديسمبر ، فإن دولة مثل اليابان
تبدأ هذه الفترة مع بداية شهر أفريل من كل سنة لتنتهي في أخر شهر مارس من العام
التالي .
بالإضافة
إلي ذلك فإن بعض الدول تعد تقديرات لموازين مدفوعاتها لفترة تقل عن السنة (كل
ثلاثة أشهر )، مثل الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول المتقدمة إقتصاديا.
وذلك لمساعدة السلطات المختصة علي معرفة حقيقة الوضع الإقتصادي الخارجي ومن ثم
العمل علي إتخاذ الإجراءات المناسبة لتدارك الوضع بدلا من الانتظار حتى نهاية
العام.(2)
ويقوم
إعداد ميزان المدفوعات علي مبدأ القيد المزدوج مما يجعله بالضرورة متوازنا دائما ،
بمعني أن تكون المديونية والدائنية متساوية في جميع الأحوال. وتوازن ميزان
المدفوعات من الناحية المحاسبية لا يحول دون وجود إختلالات من الناحية الواقعية،
إذ قد ينطوي توازنه الحسابي الكلي علي إختلالات في بنوده المختلفة.
(3)
ومن الجدير
بالذكر ، أن موازين المدفوعات في الدول المختلفة تخدم العديد من الأغراض ، أهمها :
أ - تتبع التغيرات في مركز الدولة ، بالنسبة
للتجارة العالمية من خلال مقارنة سلسلة موازين مدفوعاتها عبر سنوات متتالية ،
وتساهم هذه المعلومات في تحديد السياسات التجارية الملائمة في ضوء نقاط الضعف
والقوة في الموقف الخارجي للاقتصاد الوطني .
ب- تعتبر الصادرات والواردات من مكونات الدخل
الوطني, ولذلك لابد من الأخذ بعين الاعتبار,التغيرات في أحجامها النسبية عند وضع
السياسات التي تؤثر على الدخل والتوظيف.
ج- تؤثر التغيرات في المدفوعات والمتحصلات من
العملات الأجنبية على العرض المحلي للنقود, ومن تم على السياسات المالية و النقدية
الواجب إتباعها.
د-إن
عدم التوازن أو الاختلال المستمر في ميزان المدفوعات يكون مؤشرا لاتخاذ وسائل
تصحيحية لإعادة التوازن.(4)
2
- أهمية ميزان المدفوعات:
إن
لبيانات ميزان المدفوعات دلالاتها الخاصة التي تعبر عن الأحوال الاقتصادية للبلد
بغض النظر عن الفترة الزمنية التي تغطيها دراسة هذه البيانات لذلك فإن تسجيل هذه
المعاملات الاقتصادية الدولية في حد ذاتها مسألة حيوية لأي اقتصاد وطني و ذلك
للأسباب التالية: (1)
- إن هيكل هذه المعاملات الاقتصادية يعكس قوة الاقتصاد الوطني و قابليته و درجة
تكييفه مع المتغيرات الحاصلة في الاقتصاد الدولي لأنه يعكس حجم و هيكل كل من
الصادرات و المنتجات ، بما فيه العوامل المؤثرة عليه كحجم الاستثمارات و درجة
التوظيف ، و مستوى الأسعار و التكاليف ....إلخ
- إن
ميزان المدفوعات يظهر القوة المحددة لسعر الصرف من خلال ظروف الطلب و عرض العملات
الأجنبية و يبين أثر السياسات الاقتصادية على هيكل التجارة الخارجية من حيث حجم
المبادلات و نوع سلع التبادل ، الشيء الذي يؤدي إلى متابعة و معرفة مدى تطور
البنيان الاقتصادي للدولة و نتائج سياساتها الاقتصادية .
- يشكل ميزان المدفوعات أداة
هامة تساعد السلطات العامة على تخطيط و توجيه العلاقات الاقتصادية الخارجية للبلد
بسبب هيكله الجامع ، كتخطيط التجارة الخارجية من الجانب السلعي و الجغرافي أو عند
وضع السياسات المالية و النقدية ، و لذلك تعد المعلومات المدونة فيه ضرورية للبنوك
و المؤسسات و الأشخاص ضمن مجالات التمويل و التجارة الخارجية .
-
إن المعاملات
الاقتصادية التي تربط البلد مع العالم الخارجي هي نتيجة اندماجه في الاقتصاد
الدولي و بدلك فهي تقيس الموقف الدولي للقطر.
- المطلب
الثاني :
عناصر ميزان المدفوعات:
نظرا
لطبيعة المعاملات الاقتصادية المتشعبة و المتشابكة لأي بلد مع بقية العالم الخارجي
، فإنه من الصعوبة حصرها و تدوينها بصورة منفردة في ميزان المدفوعات و لذلك يمكنه
إعطاء بيان موجز لهذا الحكم من المعاملات و تدوينها في فترات و أقسام مستقلة يضم
كل منها نوعا متميزا من المعاملات ذات الطبيعة المتشابهة و المتقاربة الأهداف، لذلك
فإن ميزان المدفوعات يتركب من خمسة حسابات هي:(2)
1-الحساب
الجاري :
يشمل
هذا الحساب على جميع المبادلات من السلع و الخدمات و الذي يتألف من عنصرين:
أ/الميزان
التجاري:
يتعلق بتجارة السلع أي صادرات السلع ووارداتها خلال الفترة محل الحساب و هو الفرق
بين قيمة الصادرات و قيمة الواردات، و سمي أيضا ميزان التجارة المنظورة.
ب/ميزان
الخدمات:
تسجل فيه جميع المعاملات الخدمية مثل خدمات النقل و التأمين و السياحة و الملاحة و
الخدمات المالية .....إلخ، و يسمى بميزان التجارة غير منظورة ( تجدر الملاحظة أن
70% من التجارة الدولية هي تجارة خدمات).
(1)-عرفان تقي الحسيني، "التمويل
الدولي"، دار مجدلاوي، عمان، الأردن، 2002، ص :115
(2)-نفس
المرجع السابق ص: 116,118
2- حساب التحويلات من طرف واحد:
يتعلق
هذا الحساب بمبادلات تمت بين الدولة و الخارج بدون مقابل أي أنها عمليات غير
تبادلية ، أي من جانب واحد و تشمل الهبات و المنح و الهدايا و المساعدات و أية
تحويلات أخرى لا ترد سواء كانت رسمية أو خاصة.
3-
حساب رأس المال:(العمليات الرأسمالية)
تدخل
في هذا الحساب جميع العمليات التي تمثل تغيرا في مراكز الدائنية و المديونية
للدولة لأن معاملات الدولة مع الخارج لا تقتصر على تجارة السلع و الخدمات فقط ، بل
هناك حركات رؤوس الأموال التي تنتقل من بلد إلى آخر ، و التي تنقسم إلى نوعين:
أ/رؤوس
الأموال الطويلة الأجل: و هي التي تتجاوز السنة كالقروض الطويلة الأجل ،
و الاستثمارات المباشرة ، و الأوراق المالية (أسهم و سندات) أي بيعها و
شرائها من و إلى الخارج.
ب/
رؤوس الأموال القصيرة الأجل: و التي لا تتجاوز السنة مثل الودائع المصرفية و
العملات الأجنبية و الأوراق المالية القصيرة الأجل، و القروض القصيرة الأجل....إلخ.
و
تتم حركة رؤوس الأموال القصيرة الأجل لتسوية ما يحصل بين المقيمين من عمليات في
حساب العمليات الجارية و حساب رأس المال الطويل الأجل.
و
تعد هذه الأشكال من التحويلات الرأسمالية بالنتيجة حقا أو دينا للقطر على الخارج
أو العكس، أي أنها قد تضيق أو تنقص تلك الحقوق أو الديون للبلد على العالم الخارجي
.
كما
تجدر الإشارة إلى أنه عادة ما يطلق على ميزان العمليات الجارية و ميزان
التحويلات من طرف واحد و حركة رؤوس الأموال الطويلة الأجل مجتمعة لميزان المدفوعات
الأساسي و لقد أخدنا بالتقييم السابق فقط من أجل التوضيح و التبسيط.
4-
ميزان حركة الذهب و النقد الأجنبي:
تقيم
تسوية المدفوعات عن طريق التعاملات الأجنبية أو الذهب، و الذي كان من وسائل الدفع
الأكثر قبولا في الوفاء بالالتزامات الدولية ، فتسوي الدولة عجز ميزان مدفوعاتها
بتصدير الذهب إلى الخارج ، كما يمكنها في حالة وجود فائض بشراء كمية من الذهب من
الخارج وفقا لقيمة هذا الفائض.
و
الذهب الذي يسوي العجز و الفائض هو الذي يحتفظ به البنك المركزي أو السلطات
النقدية كغطاء أو احتياطي، و هذا الميزان لديه جانب دائن و جانب مدين تقيد فيهما
حركة الذهب و النقد الأجنبي.
5-
فترة السهو و الخطأ:
تستعمل
هذه الفقرة من أجل موازنة ميزان المدفوعات من الناحية المحاسبية ( أي تساوي جانب
المدين مع جانب الدائن)، لأن تسهيل العمليات يكون تبعا لطريقة القيد المزدوج ، و
تستخدم هذه الفقرة أيضا في الحالات التالية :
- الخطأ
في تقسيم السلع و الخدمات محل التبادل نتيجة اختلاف أسعار صرف العملات.
-
قد تؤدي ضرورات الأمن القومي للبلد إلى عدم الإفصاح عن مشترياته العسكرية من أسلحة
و عتاد لذلك تم إدراجها بفقرة السهو و الخطأ.
6-طريقة
التسجيل:
كما
قلنا سابقا أن تسجيل العمليات في ميزان المدفوعات يكون طبقا لطريقة القيد المزجوج
أي تسجل مرتين في الجانب الدائن و في الجانب المدين .
بالنسبة
للجانب المدين : يأخذ الإشارة السالبة (-) و يشمل :
1-
الاستيرادات من السلع و الخدمات
2-
الهدايا
و المنح و المساعدات المقدمة للأجانب ( التحويلات من طرف واحد)
3-
رؤوس
الأموال الطويلة و القصيرة الأجل المتجهة نحو الخارج
فهذا
الجانب يأخذ إما زيادة الأصول الوطنية في الخارج أو تقليل الأصول الأجنبية في
الداخل .
أما
الجانب الدائن : يأخذ إشارة موجبة (+) و يشمل:
1-
الصادرات من السلع و الخدمات
2-
الهدايا
و المنح و المساعدات المقدمة من الخارج ( التحويلات من طرف واحد)
3-
رؤوس
الأموال القادمة من الخرج
المطلب الثللث: أسباب
و أنواع الاختلالات في ميزان المدفوعات :
أولا-أسباب الاختلالات
لقد
قلنا أنفا أن ميزان المدفوعات يكون متوازنا محاسبيا نظرا لإتباع طريقة القيد
المزدوج . إذن كيف يحدث الخلل في
الوقت الذي بكون فبه الميزان متوازنا؟
إن
الخلل يكون في أقسام معينة من الميزان و عادة ما يكون العجز في الحساب الجاري
باعتباره من أكبر الحسابات و الذي يؤدي عجزه إلى إضرار في الاقتصاد الوطني ، مما
سيؤدي سلبا على قيمة العملة المحلية في سوق الصرف الأجنبي نتيجة لعرض العملة
المحلية أكثر من طلب الأجانب عليها لذلك تستخدم السلطات في هذه الحالة السياسات
النقدية و المالية لمعالجة الخلل.
و
توجد أسباب عديدة تؤدي إلى حدوث هذا الخلل و لعل أهمها:
1- التقييم الخاطىء
لسعر صرف العملة المحلية:
توجد
علاقة وثيقة بين ميزان المدفوعات و سعر صرف العملة للبلد فإذا كان سعر الصرف لعملة
بلد ما أكبر من قيمتها الحقيقية ، سيؤدي دلك إلى ارتفاع أسعار سلع البلد ذاته من
وجهة نظر الأجانب مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الخارجي عليها و بالتالي سيؤدي دلك
إلى حدوث اختلال في ميزان المدفوعات .
إما
إذا تم تحديد سعر صرف العملة بأقل مما يجب أن تكون عليه سيؤدي ذلك إلى توسع
الصادرات مقابل تقلص الواردات مما يؤدي
أيضا إلى حدوث اختلال في الميزان ، لذلك هذه الإختلالات غالبا ما ينتج عنها ضغوط تضخمية
و التي تساهم في استمرارية الاختلال في الميزان.
2- أسباب هيكلية:
و
هي الأسباب المتعلقة بالمؤشرات الهيكلية للاقتصاد الوطني و خاصة هيكل التجارة
الخارجية ( سواء الصادرات أو الواردات) ، إضافة إلى قدرتها الإنتاجية و بأساليب
فنية متقدمة ، و هذا ما ينطبق تماما على حالة الدول النامية التي يتسم هيكل
صادراتها بالتركيز السلعي أي اعتمادها على سلعة أسلعتين أساسيتين ( زراعية أو
معدنية أو بترولية )حيث عادة ما تتأثر هذه الصادرات بالعوامل الخارجية المتجسدة في
مرونة الطلب الخارجي عليها في الأسواق العالمية كتغير أذواق المستهلكين و انصرافهم
عن هذه السلع أو عند حدوث تقدم فني في الخارج يؤدي إلى خفض أثمان السلع المماثلة
لصادرات هذه الدول في الخارج.
3- أسباب دورية:
و
هي أسباب تتعلق بالتقلبات الاقتصادية التي تصيب النظام الاقتصادي الرأسمالي ، ففي
فترات الانكماش ينخفض الإنتاج و الدخول و الأثمان و تزداد معدلات البطالة، فتنكمش
الواردات مما قد يؤدي إلى حدوث فائض ، و في فترات التضخم يزيد الإنتاج و ترتفع
الأثمان و الأجور و الدخول فتقل قدرة البلد على التصدير و تزيد وارداته مما قد
يؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات و يلاحظ أن التقلبات لا تبدأ في نفس الوقت في
كافة الدول ، كما تتفاوت حدتها من دولة إلى أخرى و تنتقل هذه التقلبات الدورية عن
الدول ذات الوزن في الاقتصاد العالمي إلى الدول الأخرى( الشركاء التجاريين) عن
طريق مضاعف التجارة الخارجية ، و تتأثر بالتالي موازين مدفوعات هده الدول عن طريق
ما يصيب مستويات الأسعار و الدخول فيها.
4- الظروف الطارئة:
قد
تحصل أسباب عرضية لايمكن التنبؤ بها و قد تؤدي إلى حدوث اختلال في ميزان مدفوعات
القطر كما في حالة الكوارث الطبيعية و اندلاع الحروب و التغير المفاجىء في أذواق
المستهلكين محليا و دوليا فهذه الحالات ستؤثر عفي صادرات القطر المعني الشيء الذي
ينجر عنه انخفاض في حصيلة هذه الصادرات المقدرة بالنقد الأجنبي خصوصا قد يصاحب دلك
تحويلات رأسمالية إلى خارج القطر مما يؤدي إلى حدوث عجز في ميزان المدفوعات.
5- أسباب أخرى:
من
الأسباب الأخرى التي قد ينشأ عنها اختلال في ميزان المدفوعات كانخفاض الإنتاجية في
الدول النامية نتيجة قلة أدوات الإنتاج لذلك تقدم هذه الدول على برامج للتنمية
الاقتصادية و الاجتماعية يزداد فيها استيرادها من الآلات و التجهيزات الفنية و
مستلزمات الإنتاج و غيرها من سلع التنمية لفترة طويلة و تهدف هده البلدان من هدا
إلى رفع مستوى الاستثمار الذي غالبا ما يتجاوز طاقتها من الادخار
الاختياري، و يترتب عن هدا التفاوت بين مستوى
الاستثمار و مستوى الادخار اتجاه نحو التضخم ، و
و
اتجاه مزمن إذ أنه سنة بعد سنة و نتيجة لهذا التضخم و نظرا لزيادة واردات هذه
الدول المتطورة فإنها تعاني عجزا دائما أو مزمنا في ميزان مدفوعاتها و تمول هذه
الواردات بقروض طويلة الأجل معقودة مقدما.
ثانيا-
أنواع الإختلالات في ميزان المدفوعات
يمكن
التمييز بين عدة أنواع من الإختلالات حسب الأسباب التي أوجدتها وهي كما يلي:
1-الإختلال
العارض:
وهو
الذي ينجم عن حدث عارض لايتفق وطبيعة الأمور ولا يعبر عن القوى الإقتصادية
الحقيقية للدولة .ومثال ذلك العجز الذي يحصل في الدول الزراعية, نتيجة إصابة محصول
التصدير الرئيسي بآفة زراعية على سبيل المثال, مما يؤدي إلى وجود إختلال سالب في
الميزان التجاري بسبب إنخفاض المتحصلات من العملات الأجنبية, ومثلما يؤدي الحدث
العارض إلى إختلال سلبي في الميزان التجاري, فقد يؤدي أيضا إلى إختلال إيجابي
ومثال ذلك ما قد تحدثه الحروب من زيادة في الطلب على المواد الأولية مما يؤدي إلى
زيادة صادرات الدول المنتجة لها وبالتالي تحقيق فائض في الميزان التجاري قد يؤدي
إلى إختلال إيجابي في ميزان المدفوعات في مجموعه.
2-
الإختلال الموسمي:
يتوقف
هذا النوع من الإختلال على المدة المأخوذة في الإعتبار عند النظر إلى ميزان
المدفوعات. كلما كانت هذه المدة قصيرة كلما كبر حجم إحتمال وجوده والعكس صحيح,
ويظهر هذا الإختلال بنوع خاص في الدول التي يقوم النشاط الإقتصادي فيها على
الزراعة, ففي مواسم تصدير المحاصيل يتحقق لديها فائض في معاملاتها مع الخارج, أما
في آخر العام, فقد يتلاشى هذا الفائض وربما يتحول إلى عجز.
ومثل هذا النوع من الإختلال لا يتطلب سياسة معينة
لمواجهته إذ من المحتمل أن تتعادل الإختلالات الموسمية على مدار السنة.
3- الإختلال الدوري:
تجتاح النظام الرأسمالي عادة نوبات من الرواج والكساد
ينعكس أثرها على ميزان المدفوعات, فهو تارة يحقق فائضا وتارة أخرى يحقق عجزا.وهذا
الفائض أو العجز يطلق عليه تعبير الإختلال الدوري نسبة
إلى الدورة الاقتصادية .ومثل هذه التقلبات الدورية تنتقل
من دولة أخرىمن خلال التجارة الخارجية .
فالرواج الذي يحدث في إحدى الدول من شأنه زيادة وارداتها
من الدول الأخرى ومن شأن هذه الزيادات في الواردات زيادة الإنتاج والتوظيف في الدول
المنتجة لهذه السلع, مما ينعكس أثره على موازين مدفوعاتها, وبالطبق فإن العكس يحدث
في حالة الكساد.
4- الإختلال الإتجاهي:
وهو الإختلال الذي ظهر, في الميزان التجاري بصفة خاصة,
خلال إنتقال الإقتصاد القومي من مرحلة التخلف إلى مرحلة النمو, في حين تنعدم
القدرة على زيادة الصادرات بنفس الدرجة.أما السبب في زيادة الواردات, فهو الطلب المستمر على السلع الرأسمالية
والوسيلة التي تحتاجها الدولة لتكوين رأس المال اللازم للنمو الإقتصادي.
5- الإختلال النقدي:
يعتبر التضخم المحلي في الواقع أحد مصادر إختلال ميزان
المدفوعات, فمن المعروف أن الزيادة في الدخول النقدية في دولة ما تولد, في ظل ظروف
معينة, طلبا متزايدا على الواردات في هذه الدولة. بل وقد تقلل من السلع المتاحة
لديها للتصدير, أضف إلى ذلك, أن إرتفاع مستوى الأسعار داخليا يشجع قد يشجع على
التحول إلى الواردات البديلة للإنتاج المحلي حيث تكون أسعارها رخيصة نسبيا إذا ما
قورنت بأسعار المنتجات المحلية ( وهذا بطبيعة الحال يتوقف على مرونة على مرونة
الإحلال بين الواردات والمنتجات الوطنية ). أيضا, فإن الطلب الأجنبي على صادرات
هذه الدولة, بسبب إرتفاع الأسعار فيها, قد يتحول إلى الدولة المنافسة ومن شأن كل
هذا أن يؤدي إلى عجز ميزان المدفوعات.
6- الإختلال الهيكلي:
هو ذلك الإختلال الذي يكون مصدره تغير أساسي في ظروف
الطلب أو العرض, مما يؤثر في هيكل الإقتصاد القومي وفي توزيع المواد بين قطاعاته
المختلفة, وهو يرجع إلى أحد أو بعض العوامل التالية:
1-نسبيا محل عنصر آخر نادر نسبيا مما يؤدي إلي إنخفاض
تكلفة الإنتاج ومن ثم إلى زيادة إمكانية التصدير.
2-التغير في الأصول المملوكة للدولة بالخارج. وذلك بسبب
إستثماراتها الدولية, وهو مايؤدي إلى تغيير العائد الذي تحصل عليه من هذه
الإستثمارات.
3-تحسن مستوى المعيشة الداخلية لسكان الدولة دون أن ترتفع قوتها
الإنتاجبة بنفس الدرجة. وهذا قد يؤدي إلى زيادة الطلب على الواردات بدرجة تفوق
قدرة الدولة على التصدير.
ومثل هذا النوع من الإختلال ( الإختلال الهيكلي ) لا
يصلح لعلاجه تغيير سعر الصرف و لا تغيير سياسة الإنفاق أو السياسة الأسعار, مثل الإختلال النقدي أو الدوري, وإنما
يلزمه الإرتقاء بالفن الإنتاجي والتنظيمي حتى تختلف تكاليف الإنتاج في الداخل,
وكذا الإتجاه نحو فروع الإنتاج الجديدة. كما يلزم أيضا إعادة توزيع الموارد على
القطاعات المختلفة المكونة للإقتصاد القومي, وتجديد شامل للطاقات الإنتاجية تدعيما
لقدرة الدولة التنافسية.
المبحث الرابع :
العوامل الاقتصادية المؤثرة في ميزان المدفوعات
من أهم العوامل المؤثرة في ميزان المدفوعات نذكر منها :
التضخم : يؤدي التضخم إلي ارتفاع الأسعار المحلية التي تصبح نسبيا أعلي من الأسعار
العالمية ، فتنخفض الصادرات و تزداد الواردات نظرا لان أسعار السلع الأجنبية تصبح
أكثر جاذبية بالنسبة للمقيمين بالمقارنة مع أسعار السلع المنتجة محليا .
1)
معدل
نمو الناتج المحلي : تؤدي زيادة الدخل في الدولة
المعنية إلي زيادة الطلب علي الواردات وعلى العكس من ذلك يؤدي انخفاض الدخل إلي انخفاض الطلب على الواردات
.
2)
الاختلاف
في أسعار الفائدة : يبدي
التغير في سعر الفائدة أثرا على حركة رؤوس الأموال ، ويؤدي ارتفاع سعر الفائدة في
الداخل إلي تدفق رؤوس الأموال إلي الداخل ، بهدف استثمارها في تملك سندات ذات عائد
مرتفع ، و على العكس من ذلك يؤدي انخفاض سعر الفائدة إلى خروج رؤوس الأموال ،
ويعود السبب في ذلك أن المراكز المالية العالمية الأخرى تصبح أكثر جاذبية بالنسبة
للمستثمرين ، ينتقل راس المال إلي المراكز المالية التي ارتفع سعر الفائدة فيها عن
المستوي العالمي للاستفادة من الفرق بين السعرين .
3)
سعر
الصرف : تبدي التغيرات في سعر الصرف
أثرا علي ميزان المدفوعات ، ويؤدي ارتفاع القيمة الخارجية للعملة إلي خفض القدرة
التنافسية للسلع والخدمات المنتجة محليا ، وتجعل أسعارا لواردات أكثر جاذبية
بالنسبة للمقيمين ، وعلي العكس من ذلك يؤدي تخفيض سعر الصرف إلي زيادة القدرة
التنافسية للصادرات وتجعل أسعار الواردات اقل جاذبية بالنسبة للمقيمين (1)
.
(1)-بسام الحجاز ( العلاقات الاقتصادية الدولية
) المؤسسة الجامعية للدراسات والتوزيع ،بيروت ،لبنان 2003،ص: 64,65
إن وجود اختلال في ميزان مدفوعات قطر ما تعد من أهم
المؤشرات الاقتصادية خطورة على الاقتصاد الوطني فيما يتعلق
بمركز دلك القطر في المعاملات الاقتصادية الدولية، لا سيما في حالة حدوث عجز في
الميزان المذكور، و لذلك فإنه عادة ما تتدخل السلطات العامة من أجل إحداث التوازن
في هذا الميزان كلما أمكن ذلك و الذي عادة ما يتطلب فترة تمتد إلى سنوات عدة و ذلك
باستخدام مجموعة من الإجراءات الاقتصادية شريطة عدم إلحاق الاقتصاد الوطني بأضرار
جسيمة و عموما هناك طريقتان لتصحيح الاختلال في ميزان المدفوعات و هما :
المطلب
الأول ا: التصحيح عن طريق آلية السوق
استقر
الفكر التقليدي في هذا المجال على قدرة جهاز الثمن على تحقيق التوازن الخارجي ، و
مع أزمة الثلاثينات من هذا القرن و تحت تأثير أفكار كنز وجهت الأنظار نحو تغيرات
الدخل القومي لإعادة التوازن ، أما التحليل الحديث فيفسح المجال أمام تغيرات
الأثمان و تغيرات الدخل في تفسير التوازن الخارجي للدولة ، فضلا عن إدخال العمليات
المالية في نطاق هده النظريات بقصد الوصول إلى نظرية شاملة .و تأخذ هده الطريقة
ثلاث أشكال هي:
1-
التصحيح عن طريق آلية الأسعار
و
يختص هذا التصحيح بفترة قاعدة الذهب، و يتطلب تطبيق هذه الآلية ثلاث شروط أساسية
هي :
& ثبات
أسعار الصرف .
& الاستخدام
الكامل لعناصر الإنتاج في القطر.
& مرونة
الأسعار و الأجور ( أي حرية حركتها).
و
تمثل هذه الشروط أهم أركان النظرية التقليدية(classical theory) و
نلخص هذه النظرية بالاعتماد المتبادل لحركة الذهب من وإلى القطر مع حالة ميزان
مدفوعاتها ، ففي حالة حدوث فائض في الميزان فإنه يعني دخول كميات كبيرة من الذهب
إلى القطر يرافقها زيادة في عرض النقود في التداول الأمر الذي ينجم عنه ارتفاع في
الأسعار المحلية للقطر المذكور مقارنة مع الأقطار الأخرى ، و ستترتب عن دلك
نتيجتين ، أولهما انخفاض صادرات القطر إلى الخارج نظرا لارتفاع أسعارها من وجهت
نظر الأجانب و ثانيتهما هو ارتفاع في استيرادات القطر من الخارج نظرا لملائمة
أسعار السلع الأجنبية من وجهة نظر مواطني القطر و تستمر هذه العملية حتى يعود
التوازن إلى ميزان المدفوعات . أما حالة حدوث عجز في الميزان، فإن النتيجة ستكون
متعاكسة و لكنها ستقود إلى توازن الميزان أيضا.
غير
أن التغيرات الحاصلة في الأسعار يمكن أن تؤدي إلى تغيرات في أسعار الفائدة طبقا
للنظرية الكلاسيكية و هذه بدورها ستؤثر على وضع ميزان المدفوعات و لكن ليس مثلما
يؤثر مستوى الأسعار على إعادة التوازن في الميزان ففي الحالة الأولى ( حالة
الفائض) .
بمقدور
البنك المركزي للبلد خفض سعر الفائدة على القروض الممنوحة نظرا لارتفاع السيولة
المحلية، مما سيؤدي إلى تدفق الأموال إلى خارج البلد و بالتالي التخلص من الفائض
المتاح و إعادة التوازن للميزان.
ثانية ، أما الحالة الثانية ( حالة العجز )
فبإمكان رفع سعر الفائدة من أجل جذب الأموال الأجنبية إلى الداخل و عندها ستزداد
السيولة في السوق المالية ز إعادة التوازن للميزان .
و
نلخص كلما سبق في :
2-
التصحيح عن طريق سعر الصرف :
و
هي الآلية المتبعة في حالة التخلي عن قاعدة الذهب الدولية ( سيادة نظام العملات
الو رقية خلال الفترة الممتدة ما بين الحربين العالميتين ) ، و اتخاذ
نظام سعر صرف حر(1)،
و عدم تقيده من قبل السلطات النقدية . و تتلخص هذه الآلية في أن القطر الذي يعاني
من حالة عجز في ميزان مدفوعا ته عادة ما يحتاج إلى العملات الأجنبية و بالتالي سوف
يضطر إلى عرض عملته المحلية في أسواق الصرف الأجنبية ، بيد أن زيادة عرض العملة
المحلية سيؤدي إلى انخفاض سعرها في الأسواق المذكورة و عندها ستغدو أسعار السلع و
الخدمات المنتجة في دلك القطر منخفضة مقارنة بالسلع و الخدمات الأجنبية فيزداد
الطلب على منتجات القطر ، و هكذا تزداد صادراته مقابل انخفاض استيرادا ته نظرا
لارتفاع أسعار المنتجات الأجنبية في هذه الحالة و تستمر هذه العملية حتى يعود
التوازن إلى ميزان المدفوعات ، أما في حالة وجود فائض في الميزان فإنه يحدث العكس
تماما.(2)
3-
التصحيح عن طريق الدخول :
تعتمد
هذه الطريقة على النظرية الكينزية التي تهتم بالتغيرات الحاصلة في الدخول و آثارها
على الصرف الأجنبي و بالتالي على وضع ميزان المدفوعات و أهم شروط النظرية هي:
& ثبات
أسعار الصرف .
& جمود
الأسعار ( ثباتها).
& الاعتماد
على السياسة المالية و خاصة الإنفاق العام للتأثير على الدخل تحت تأثير مضاعف
الإنفاق .
و
تتلخص هذه النظرية في أن الاختلال الحاصل في ميزان المدفوعات سيؤدي إلى إحداث تغير
في مستوى الاستخدام و الإنتاج للبلد و بالتالي في مستوى الدخل المحقق و ذلك تحث
تأثير مضاعف التجارة الخارجي(*)،
فحينما يسجل ميزان المدفوعات لبلد ما فائضا جراء التزايد في صادراته و منه سوف
يرتفع مستوى الاستخدام في تلك الصناعات التصديرية فتواكبها زيادة في معدل الأجور و
من تم الدخول الموزعة و سيترتب على زيادة الدخول تنامي في الطلب على السلع و
الخدمات بنسبة أكبر نتيجة لعمل المضاعف فترتفع الاستيرادات مما يؤدي إلى عودة
التوازن إلى الميزان . و يحدث العكس في حالة وجود عجز في الميزان، غير
أن العديد من الاقتصاديين الكنزيين لا يرون ضمانا لمعالجة الخلل في ميزان
المدفوعات بهذه الطريقة ذلك لأنه في حالة العجز فإن انخفاض الدخل قد لا يكون بنفس
مقدار الانخفاض الحاصل في الإنفاق و ما يجر بدوره إلى انخفاض في الطلب على الصرف
الأجنبي و لهذا السبب وحده يمكن أن تتدخل السلطات العامة من أجل إجراء تغييرات
مناسبة (مقصودة ) في الدخل بالقدر الذي يؤدي إلى إعادة التوازن في ميزان المدفوعات
و طبقا للنظرية الكينزية يمكن أن تقوم السياسة المالية بدور هام في هذا المجال و
ذلك من خلال التغيرات في الإنفاق كاستخدام الضرائب مثلا، ففي حالة وجود عجز في
الميزان يمكن إجراء تخفيض في الإنفاق العام بفرض ضرائب على الدخول مثلا و تحث
تأثير المضاعف سيؤدي دلك إلى انخفاض أكبر في الدخل و بالتالي في الطلب الكلي بمافي
دلك الطلب على الاستيرادات، و هذا يعني انخفاض الطلب على الصرف
الأجنبي، و عندها سيعود التوازن إلى الميزان و ينطبق دلك أيضا في حالة
وجود فائض في الميزان و لكن بصورة متعاكسة علاوة على دلك تستطيع السلطات المالية
استخدام السياسة النقدية لمعالجة الخلل في ميزان المدفوعات، غير أن الكينزيين لا
يعتدوا عليها مقارنة بالسياسة المالية و من أهم أدوات السياسة النقدية هي سعر
الفائدة حيث يتم خفض عرض النقد في التداول الذي يؤدي بدوره إلى رفع سعر الفائدة
مما سيؤثر على حجم الإنفاق الكلي نظرا لانخفاض الإنفاق الاستثماري في هذه الحالة،
و هو ما يشجع على تدفق رؤوس الأموال للداخل و عندها سيتحسن موقف ميزان المدفوعات.
نستنتج
من المعطيات السابقة أن بمقدور السلطات العامة التدخل في إعادة التوازن لميزان
المدفوعات باستخدام السياسة المالية أو النقدية لمعالجة حالة عدم التوازن في
الاقتصاد سواء عند حدوث تضخم (بسبب العجز في الميزان) أو كساد اقتصادي ( بسبب
الفائض في الميزان ) و يطلق على هذه المعالجات بسياسات الاستقرار .
4-
طريقة المرونات ( أو التجارة):
أظهرت
النظريتان الكلاسيكية و الكينزية بعض العيوب في تفسير التصحيحات الممكنة للاختلال
الحاصل في ميزان المدفوعات، حيث اعتمدت كلتاهما على ثبات أسعار الصرف التي قلما
توجد في الوقت الحاضر بعد انهيار نظام القيمة المعادلة في عام 1971 و انتشار نظم الصرف
القائمة على التعويم، فقد استندت النظرية الكلاسيكية على مجموعة من الفروض الغير
واقعية في حين أكدت النظرية الكينزية على أهمية السياسة المالية في معالجة الخلل
في ميزان المدفوعات و التي أدت إلى نتائج اقتصادية و اجتماعية غير مرغوب فيها.
جاءت
طريقة المرونات لتعتمد على التغيرات المترتبة على تغيير سعر صرف العملة ( خصوصا من
خلال إجراء تخفيض قيمة العملة ) و التي ستؤثر على الموقف التجاري للبلد المعني حيث
ستزداد الصادرات و بالتالي ستؤثر على عرض الصرف الأجنبي أو الطلب عليه ، و من تم
سيتأثر وضع ميزان المدفوعات ، فتخفيض قيمة العملة المحلية حسب هذه الطريقة قد لا
تؤدي إلى الهدف المرجو منها و دلك للأسباب التالية :
1-
أن نجاح تخفيض قيمة العملة المحلية ( أي زيادة سعر الصرف الأجنبي ) سيتوقف في
المقام الأول على مرونة الطلب لى الصادرات للبلد و استيرادا ته.
2-
آثار
عملية تخفيض قيمة العملة تعتمد على معطيات مهمة للاقتصاد المعني و خاصة مدى القدرة
الاستيعابية ( الامتصاص) له ، أي على درجة التوظف السائد في الاقتصاد ( إن كان في
حالة توظف كامل أو قريب منها أو دونها ) حيث أن لكل من هده الأوضاع آثارها
المختلفة على حالة التكييف لميزان المدفوعات.
المطلب
الثاني : التصحيح عن طريق تدخل السلطات العامة
يحدث
كثيرا ألا تدع السلطات العامة في الدولة قوى السوق شأنها لإعادة التوازن لميزان
المدفوعات لما يعنيه هذا من السماح بتغيرات في مستويات الأثمان و الدخل القومي ، و
هو ما يتعارض مع سياسة تثبيت الأثمان و استقرار الدخل القومي عند مستوى العمالة
الكاملة ، و هي السياسة التي تعطيها الدولة أولوية بالنسبة للتوازن الاقتصادي
الخارجي و في هذه الحالة تلجأ هذه السلطات إلى العديد من السياسات لعلاج اختلال
ميزان المدفوعات.(1)
فهناك إجراءات تتخذ داخل الاقتصاد الوطني و إجراءات تتخذ خارج الاقتصاد الوطني،
فالإجراءات التي تتخذ داخل الاقتصاد الوطني تتمثل في :
*
بيع الأسهم و السندات المحلية للأجانب للحصول على العملات الأجنبية في حالة حصول
عجز في الميزان .
*
بيع العقارات المحلية للأجانب للحصول على النقد الأجنبي.
*
استخدام أدوات السياسة التجارية المختلفة للضغط على الإستيرادات مثل نظام الحصص أو
الرسوم الجمركية إضافة إلى تشجيع الصادرات من أجل تحقيق التوازن في ميزان
المدفوعات.
*
استخدام الذهب و الاحتياطات الدولية المتاحة لدى القطر في تصحيح الخلل في الميزان.
أما
الإجراءات التي تتخذ خارج الاقتصاد الوطني تتمثل في :
·
اللجوء إلى القروض الخارجية من المصادر المختلفة مثل صندوق النقد الدولي أو من
البنوك المركزية الأجنبية أو من أسواق المال الدولية ....الخ.
·
بيع
جزء من الاحتياطي الذهبي للخارج.
·
بيع
الأسهم و السندات التي تملكها السلطات العامة في المؤسسات الأجنبية لمواطني تلك
الأقطار للحصول على النقد الأجنبي.
و
نشير أخيرا إلى أنه لعلاج اختلال التوازن لابد من معالجة أسبابه و هذه هي الكيفية
التي يتعين بها فهم سياسة التسوية بمعناها الحقيقي.(*)
و لا حاجة لنا هنا إلى التأكيد على الترابط و التداخل في سياسات التسوية القومية
في الدول المختلفة ، إذ في المحيط الاقتصادي الدولي هناك ارتباط بين عجز
ميزان مدفوعات بعض الدول و بن فائض البعض الآخر و ما لم تتلاق الأهداف و الأساليب
فقد تصبح إعادة التوازن على مستوى الدولي أمرا مستحيلا.
جدول
يوضح انخفاض العملة:
تجاوب الميزان التجاري
|
قيمة الصادرات
|
مرونة الطلب على الصادرات
|
قيمة الواردات
|
الحالة
|
تحسن *تجاوب طبيعي*
تحسن (تجاوب معتاد)
أ/تحسن معتاد(تجاوب)
ب/تدهور(عديم التجاوب)
|
زيادة
ثابت
انخفاض
|
أكبر من الواحد الصحيح
معادل للواحد الصحيح
أقل من الواحد الصحيح
|
تنخفض قيمة الواردات في جميع الحالات
الطلب على الواردات مساو للصفر ، أي عديم المرونة
تزداد قيمة الواردات كلما زادت قيمة مرونة الطلب
|
1
2
3
|
المصدر
د. سامي عفيفي حاتم ص 112
لا يختلف ميزان المدفوعات الجزائري في هيكلة
عن غيره من الموازين المدفوعات في باقي الدول إلا من حيث ما يعكسه من وضع اقتصادي
خاص بالجزائر ، ويسجل موقعها في المعاملات الدولية ويظهر كفاءة الآلة الإنتاجية
المحلية والموقع التنافسي للاقتصاد الجزائري الذي يأثر ويتأثر بالأوضاع التي
تفرزها ظاهرة العولمة
ومن خلال ما يلي سنحاول تسليط الضوء على وضعية
ميزان المدفوعات من خلال تتبع تطور مختلف أرصدته)رصيد
الحساب الجاري وحساب راس المال( .
إن الاقتصاد الجزائري كان يتميز في النصف
الثاني من الثمانينيات بتدهور مستمر في ميزان المدفوعات ، ويرجع ذلك إلى سببين
رئيسيين ( 2 )
:
- السبب الأول يتعلق بالميزان التجاري ،
حيث عرفت الجزائر عام 1986 تدهورا كبيرا في معدلات التبادل بسبب التدني الملحوظ
لسعر الصادرات ( البترول )، وارتفاع حجم الواردات،
-
أما
السبب الثاني فيرجع إلى الهيكل غير الملائم للديون الخارجية للبلاد.
-
وسنحاول
من خلال بيانات الجدول الأتي تحليل تطور أرصدة ميزان المدفوعات.
I-1-1- على مستوى الحساب الجاري :
يلاحظ من خلال هذا الجدول أن ميزان
المدفوعات الجارية قد حقق فائضا قدره 43 مليون دولار أمريكي سنة 1971، ثم عجزا
قدره 124 مليون دولار أمريكي في سنة 1972، و 447 مليون دولار أمريكي ، سنة 1973 ،
تحت تأثير تفاقم عجز الميزان التجاري الذي زاد بنسبة 96.6 % عن السنة السابقة ،
وفي سنة 1974 حقق ميزان المدفوعات الجارية فائضا قدر بـ 176 مليون دولار أمريكي
يرجع أساسا إلى فائض كبير في الميزان التجاري قدر بـ 1.277 مليار دولار أمريكي في
سنة 1974 نتيجة ارتفاع أسعار البترول .
وقد ساهم هذا الفائض في تغطية عجز موازين الخدمات والدخول والتحولات ( 3 )
. وقد ظهر عجز ميزان الحساب الجاري منذ 1975 حتى سنة 1979 على الرغم مما حققه
الميزان التجاري من فائض خلال سنتي 1976 و 1979 . ويرجع ذلك إلى تزايد عجز موازين
الخدمات والدخول الذي
أضعف من مساهمتها في جلب العملات الصعبة.
تطور بعض الأرصدة ميزان المدفوعات الجزائري (
1971 – 1989 )
الوحدة : مليون دولار
أمريكي
السنوات
البيانات
|
1971
|
1972
|
1973
|
1974
|
1975
|
1976
|
1977
|
1978
|
1979
|
1980
|
1981
|
1982
|
1983
|
1984
|
1985
|
1986
|
1987
|
1988
|
1989
|
الميزان
التجاري
|
-174
|
-97
|
-191
|
1277
|
-951
|
528
|
-188
|
-953
|
1678
|
4056
|
4024
|
3620
|
3226
|
3557
|
4223
|
185
|
2413
|
945
|
1162
|
ميزان
الحساب
الجاري
|
43
|
-124
|
-447
|
176
|
-661
|
-887
|
-2322
|
-3538
|
-1631
|
249
|
85
|
-184
|
-85
|
74
|
1015
|
-2230
|
141
|
-2040
|
-1080
|
ميزان
رؤوس
الأموال
طويلة
الأجل
|
-2
|
147
|
1015
|
529
|
1395
|
1742
|
1897
|
3652
|
2433
|
898
|
6
|
-945
|
-848
|
-404
|
-36
|
346
|
-
|
-
|
-
|
ميزان
رؤوس
الأموال
قصيرة
الأجل
|
-64
|
-52
|
116
|
-173
|
1
|
-30
|
119
|
-160
|
90
|
57
|
10
|
157
|
319
|
193
|
-85
|
226
|
-
|
-
|
-
|
المصدر
: تقديرات الفترة ( 1971 – 1982 ) : صندوق النقد الدولي،
تقديرات
الفترة ( 1983- 1986 ) : موازين المدفوعات والدين العام الخارجي للدول العربي (
1982- 1992 ) ، أبو ضبي : صندوق النقد العربي، 1993، ص . ص . 41 – 42.
لقد حقق ميزان الحساب
الجاري فائضا قدر بـ 249 مليون دولار سنة 1980 و 85 مليون دولار سنة 1981، وذلك
نتيجة لتحسين أسعار البترول وتحقيق فائض في حساب الميزان التجاري ، لكن الوضع إنقلب
خلال عامي ( 1982 – 1983 ) جراء إنخفاض أسعار البترول ليسجل ميزان الحساب الجاري
عجزا قدر بـ 184 مليون دولار أمريكي سنة 1982، و 80 مليون دولار سنة 1983، ولكن
هذا العجز لم يستمر طويلا حيث تحسن رصيد ميزان المدفوعات الجارية سنتي 1984 –
1985.
و بانخفاض مداخيل
الصادرات سنة 1986 جراء انخفاض أسعار البترول التي هوت من أزيد من 27 دولار سنة
1985 إلى أقل من 14 دولار، تأثر ميزان المدفوعات الجارية وسجل عجز معتبرا قدره
2.230 مليار دولار أمريكي، ليعرف تحسنا سنة 1987 ثم يعود إلى العجز مرة أخرى خلال
سنتي ( 1988 – 1989 ).
I-1-2- على مستوى حساب رأس المال :
أما بالنسبة لميزان رؤوس الأموال، فقد كان من
الضروري أن يساهم في تغطية العجز الحاصل في ميزان المدفوعات الجارية، وتأتي
مساهمات رؤوس الأموال طويلة الأجل ( القروض طويلة الأجل ) المبينة في السطر الثالث
من الجدول السابق كشاهد على ذلك. فقراءة الجدول تبين أن حجم رؤوس الأموال طويلة
الأجل بلغ أشده خاصة خلال الفترة الممتدة من 1975 إلى 1979 وهي نفس الفترة التي
بلغ فيها عجز الحساب الجاري حده الأقصى .
وهذا يعني أن حساب
رأس المال قد لعب دوره في تمويل عجز الحساب الجاري من خلال تدفقات رؤوس الأموال
طويلة الأجل والتي تتمثل أساسا في القروض طويلة الأجل خلال تدفقات رؤوس الأموال
طويلة الأجل والتي تتمثل أساس في القروض طويلة الأجل على أساس أن هذه الفترة لم
تتميز بتدفقات للاستثمارات الأجنبية المباشرة واستثمارات المحافظة المالية.
I-1-3- على مستوى الإحتياطات الرسمية :
أما فيما يخص تطور الإحتياطات فيمكن القول أن
الجزائر استطاعت أن تكون مخزونا خلال الفترة الممتدة من 1974 إلى 1980 لتستخدمه
إبتداء من 1981 ( 1 ).
وعموما فإن أهم ما يمكن إستخلاصه في ما
يتعلق بحركة رؤوس الأموال خلال هذه الفترة، هو أن القروض كانت أهم أشكال التدفقات
الرأسمالية نحو الجزائر وخاصة لتمويل العجز في الحساب الجاري، وهو ما نتج عنه أزمة
مديونية حادة لا زالت تتفاقم إلى يومنا هذا.
Iالمطلب
الثاني تطور المديونية الخارجية :
قدر العجز المتراكم للميزان الجاري في الفترة
الممتدة من 1967 إلى 1978 بـ 9.1 مليار دولار أمريكي، مما استلزم اللجوء إلى
الاستدانة الخارجية الخارجية لموازنة اختلال ميزان المدفوعات وبهذا جرت التبعية
التجارية والتكنولوجية للإقتصاد الجزائري إلى الخارج والتبعية المالية أيضا، حيث
بلغ صافي الديون أكثر من 10.1 مليار دولار أمريكي على امتداد نفس الفترة واقتراب
مبلغ الدين الخارجي من 14 مليار دولار أمريكي سنة 1978.
وعليه فقد انتقلت
نسبة الدين الخارجي إلى إجمالي الناتج المحلي سريعا من 29 سنة 1975 إلى 45 % سنة
1978، أما نسبة الدين خدمة الدين الخارجي إلى إجمالي صادرات السلع والخدمات فقد
انتقلت هي الأخرى من 4 % سنة 1967 إلى 25 % سنة 1978، لتتعدى 39 % سنة 1979، وهكذا
يتضح أن المديونية الخارجية قد تكونت أساسا خلال عشرية السبعينات، إذ انتقل الدين
الخارجي من أقل من 1 مليار دولار أمريكي سنة 1970 إلى 17.051 مليار دولار أمريكي
سنة 1980، أين بلغت نسبة مبلغ الدين إلى الناتج الوطني الخام 46.8 % ونسبة مبلغ
الدين إلى صادرات السلع والخدمات 126.6 %.
وقد استمر تطور وضعية الدين الخارجي في النصف
الأول من الثمانينيات ولعل ذلك ذلك يرجع إلى تدهور معدلات التبادل بحوالي 50 %
نتيجة الصدمة النفطية لسنة 1986، وهو ما قابله ارتفاع كبير في أسعار الواردات من
السلع الرأسمالية والمنتجات الصناعية والمواد الغذائية، وهكذا ساهم تدهور معدلات
التبادل التجاري في تزايد المديونية الخارجية للجزائر.
ويعطى الجدول الأتي
صور معبرة عن تطور المديونية الخارجية وخدماتها خلال الفترة ( 1970 – 1979 ).
جدول : تطور
المديونية الخارجية وخدماتها للفترة ( 1970 – 1990 ).
السنوات
|
مبلغ الديون
|
خدمات الديون
|
السنوات
|
مبلغ الديون
|
خدمات الديون
|
1970
|
944
|
44.70
|
1980
|
17051
|
3917.4
|
1971
|
1260
|
69.10
|
1981
|
17600
|
4090
|
1972
|
1550
|
190.00
|
1982
|
19300
|
4842
|
1973
|
2991
|
300.10
|
1983
|
17400
|
5806
|
1974
|
3412
|
715.60
|
1984
|
17000
|
5205
|
1975
|
4593
|
465.70
|
1985
|
19600
|
5119
|
1976
|
6085
|
782.80
|
1986
|
19300
|
4120
|
1977
|
8902
|
1058.70
|
1987
|
22.88
|
9410
|
1978
|
13687
|
1514.70
|
1988
|
25.041
|
6440
|
1979
|
16510
|
2808.60
|
1989
|
25.325
|
7910
|
المصدر : الجوزي
جميلة . مرجع سابق ذكره . ص 160- 173.
وبناء على ما تقدم يمكن القول أن اختلال
ميزان المدفوعات يكمن في ميزان العمليات الجارية، ويتركز بصفة رئيسية في الخدمات
وفي مدفوعات الفائدة وإذا استطاعت فوائض الميزان التجاري التخفيف من هذا الإختلال
حتى سنة 1985 فإن انخفاض مداخيل الصادرات سنة 1986 عرض الإقتصاد إلى صدمة خارجية
معتبرة.
وبالتالي فإن أهم الأسباب التي ساهمت ولو
بدرجات متفاوتة في اختلال ميزان المدفوعات، والتي تخص مختلف بنوده يمكن إجمالها
فيما يلي ( 1 )
:
-
هشاشة
المبادلات التجارية الخارجية المتأثرة خاصة بالتبعية الغذائية .
-
هيكل
الصادرات الذي يقوم على أساسا على المحروقات.
-
عدم
التحول الجزئي أو الكلي لمداخيل العاملين الجزائريين في الخارج.
-
عدم
تحويل دخول الاستثمارات الجزائرية في الخارج.
-
عبء
المديونية.
-
انعدام
الاستثمارات الأجنبية في الجزائر.
-
غياب
سوق لرؤوس الأموال وسوق الصرف.
وتعتبر هذه الأسباب محصلة للسياسة التنموية المتبعة منذ 1967 والتي تطلبت
أموالا ضخمة عجز الإقتصاد الوطني بإمكانياته المحدودة عن توفيرها مما أدى إلى
الاستدانة الخارجية ، والتي زادت حدتها في الثمانينيات خاصة القروض القصيرة الأجل منها
التي وجهت لتمويل المنتجات ذات الاستهلاك الواسع.
عموما نستنتج من أن اختلال ميزان المدفوعات
الجزائري هو اختلال ذو طبيعة هيكلية يعكس الإختلال الهيكلي للاقتصاد الذي أولى
أهمية مفرطة لقطاع الهيدروكاربونات في تسير دوالبيه، إلى جانب اعتماده الكبير على
القروض في عملية التمويل وما يترتب عليها من آثار سلبية على ميزان المدفوعات من
خلال تسديد أصل الدين وفوائده، الشيء الذي يزيد من حدة العجز في ميزان المدفوعات
وذلك في ظل غياب كامل للاستثمارات الأجنبية لمباشرة وذلك غياب سوق لرؤوس الأموال
وسوق الصرف.
Iالمطلب
الثالث : تطورات ميزان المدفوعات وأرصدته خلال
فترة التسعينيات :
لقد عرفت فترة التسعينيات جهدا مبذولا في
إتجاه إصلاح الإقتصاد الجزائري بإعتماد برامج إصلاح مدعومة من قبل المنظمات
الدولية، فضلا عن كون الفترة كانت مجالا لتقلبات إقتصادية عديدة مست مختلف قطاعات
الاقتصاد الجزائري بما لها من تأثير على الوضع العام لميزان المدفوعات وخاصة في ظل
اتجاه الجزائر نحو جذب رأس المال الأجنبي والإستثمار الأجنبي المباشرخصوصا، وجدول
تطور ميزان المدفوعات يبين أهم التطورات خلال فترة التسعينيات. وإنطلاقا من سلسلة
موازين المدفوعات نسجل ما يلي ( 1 ) :
I-3-1- على مستوى الميزان التجاري :
يلاحظ أن الميزان التجاري عرف رصيدا موجبا في
كل السنوات باستثناء سنة 1994 أين عرف رصيدا سلبيا، ويمكن تفسير ذلك بتقسيم
المرحلة إلى فترتين :
أ- فترة 1990 – 1994
:
سجلت هذه الفترة تناقصا في حصيلة الصادرات
الجزائرية حيث تم تراجع الصادرات النفطية نتيجة انخفاض سعر البرميل من النفط، مع
استقرار في الصادرات غير النفطية والتي تعتبر قيمتها ضئيلة جدا.
هذا الإنخفاض في عوائد الصادرات كان له تأثير على قيمة
الواردات التي تراجعت ما بين 1990 إلى 1993 ، ثم عاودت الإرتفاع سنة 1994 إلى 9.2
مليار دولار، وفي ظل هذه الظروف حافظ الميزان التجاري على وضع إيجابي رغم التراجع
في الرصيد إلى غاية سنة 1994 أين سجل الميزان التجاري عجزا وصل إلى 0.3 مليار
دولار.
ب- فترة 1995 – 2001
:
يلاحظ في هذه الفترة الارتفاع المحسوس في الصادرات
النفطية باستثناء سنة 1998.وكان ذلك راجعا إلى ارتفاع أسعار النفط على التوالي :
17.6 ة 21.7 ة 19.8 دولار للبرميل الواحد وهذا جعل الصادرات النفطية تصل حصيلتها
سنة 1997 إلى ما يقارب 14 مليار دولار.
ورغم السعي إلى تشجيع الصادرات خارج المحروقات
إلا أنها لم تعرف نموا محسوسا نتيجة الهيكل الإقتصادي الجزائري وصعوبة اقتحامه
الأسواق الخارجية، ولهذا بقيت حصيلة الصادرات متوقفة على أسعار البترول. ونظرا
لتراجع أسعار النفط سنة 1998 إلى 12.94 دولار للبرميل تراجعت حصيلة الصادرات في
تلك السنة إلى 10.15 دولار وعرفت هذه الفترة تراجعا أو على الأقل تحكما في
الواردات نتيجة التخفيض الذي عرفه الدينار الجزائري، الأمر الذي انعكس في صورة
ارتفاع في الأسعار الداخلية للواردات، مما أدى إلى تراجع الطلب عنها، وعزز الاتجاه
الإنخفاضي، تراجع الطلب على بعض المنتجات الصناعية نتيجة حل بعض المؤسسات
العمومية، وقيود التمويل المفروضة على المؤسسات الأخرى باعتبار البنوك أصبحت
تتعامل معها تعاملا تجاريا.
الجدول تطور ميزان المدفوعات الجزائري خلال الفترة (
1990 – 2002 )
البيان
|
1990
|
1991
|
1992
|
1993
|
1994
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
2000
|
2001
|
2002
|
||||||
ميزان العمليات الجارية
|
1.35
|
2.39
|
1.3
|
0.8
|
1.8-
|
2.2
|
1.2
|
3.45
|
1.12
|
0.02
|
8.93
|
7.06
|
4.36
|
||||||
الميزان التجاري
|
3.11
|
4.67
|
3.2
|
2.4
|
0.3-
|
0.2
|
4.1
|
5.69
|
1.51
|
3.36
|
12.3
|
9.61
|
6.70
|
||||||
الصادرات ( فوب )
|
12.88
|
12.44
|
11.51
|
10.41
|
8.89
|
10.25
|
13.2
|
13.82
|
10.15
|
12.32
|
21.65
|
19.09
|
18.71
|
||||||
محروقات
|
12.35
|
11.97
|
11.0
|
9.9
|
8.6
|
9.7
|
12.6
|
13.18
|
9.7
|
11.91
|
21.06
|
18.53
|
18.11
|
||||||
أخرى
|
0.53
|
0.47
|
0.5
|
0.5
|
0.3
|
0.5
|
0.6
|
064
|
0.38
|
0.41
|
0.59
|
0.56
|
0.60
|
||||||
الواردات (فوب)
|
9.77-
|
7.77-
|
8.3-
|
8.0-
|
9.2-
|
10.1-
|
9.1-
|
8.13-
|
8.87-
|
8.96-
|
9.35-
|
9.48-
|
12.01-
|
||||||
صافي خدمات غير العوامل
|
1.20-
|
1.35-
|
1.1-
|
1.0-
|
1.2-
|
1.3
|
1.4-
|
1.08-
|
1.50-
|
1.84-
|
1.45-
|
1.53-
|
1.18-
|
||||||
دائن
|
0.51
|
0.42
|
0.6
|
0.6
|
0.7
|
0.7
|
0.8
|
1.07
|
0.74
|
0.72
|
0.91
|
0.91
|
1.30
|
||||||
مدين
|
1.71-
|
1.77-
|
1.8-
|
1.6-
|
1.9-
|
2.0-
|
2.2-
|
2.15-
|
2.24-
|
2.56-
|
2.36-
|
2.44-
|
2.48-
|
||||||
صافي دخل العوامل
|
2.09-
|
2.21-
|
2.2-
|
1.8-
|
1.7-
|
2.2-
|
2.4-
|
2.22-
|
2.0-
|
2.29-
|
2.71-
|
1.69-
|
2.23-
|
||||||
دائن
|
0.07
|
0.07
|
0.1
|
0.2
|
0.1
|
0.1
|
0.2
|
0.26
|
0.37
|
0.22
|
0.38
|
0.85
|
0.68
|
||||||
مدين
|
-2.16
|
-2.28
|
-1.76
|
1.61-
|
1.84-
|
2.31-
|
2.56-
|
2.47-
|
2.37-
|
2.51-
|
3.09-
|
2.54-
|
2.91-
|
||||||
مدفوعات
الفوائد
|
2.16-
|
2.29-
|
2.4
|
1.9-
|
1.8-
|
1.3-
|
2.6-
|
2.11-
|
1.95-
|
1.85-
|
1.93-
|
1.52-
|
-
|
||||||
صافي
التحويلات
|
1.53
|
1.29
|
1.4
|
1.1
|
1.4
|
1.1
|
0.9
|
1.06
|
1.09
|
0.79
|
0.79
|
0.67
|
1.07
|
||||||
ميزان
حساب رأسمال
|
1.57-
|
1.89-
|
1.1-
|
0.8-
|
2.5-
|
4.1-
|
3.3-
|
2.29-
|
0.66-
|
2.40-
|
1.36-
|
0.87-
|
0.71-
|
||||||
الإستثمار
المباشر ( صافي )
|
0.04-
|
0.08-
|
0.00
|
0.00
|
0.00
|
0.00
|
0.3
|
0.26
|
0.47
|
0.46
|
0.42
|
1.18
|
0.97
|
||||||
رأسمال
العام ( صافي )
|
0.44-
|
1.23-
|
0.1
|
0.3-
|
2.4-
|
3.9-
|
3.4-
|
2.51-
|
1.33-
|
1.97-
|
1.96-
|
1.99-
|
1.32-
|
||||||
السحب
|
6.29
|
6.00
|
6.9
|
6.5
|
4.7
|
3.2
|
1.8
|
1.69
|
1.83
|
1.08
|
0.80
|
0.91
|
1.60
|
||||||
استهلاك
القروض
|
6.73-
|
7.22-
|
6.8-
|
6.9-
|
7.1-
|
7.1-
|
5.2-
|
4.20-
|
3.16-
|
3.04-
|
2.76-
|
2.90-
|
2.92-
|
||||||
قروض
قصيرة المدي المدي
والسهو
والخطأ
|
1.03-
|
0.56-
|
1.2-
|
0.5-
|
0.1-
|
0.3-
|
0.2-
|
0.04-
|
0.20-
|
0.89-
|
0.18
|
0.06
|
0.36-
|
||||||
قرض قصير المدى
|
1.03-
|
0.56-
|
0.2
|
0.5-
|
0.1-
|
0.2-
|
0.16-
|
-
|
-
|
-
|
-
|
-
|
-
|
||||||
السهو والخطأ
|
-
|
-
|
1.3-
|
0.00
|
0.00
|
0.20-
|
0.00
|
-
|
-
|
-
|
-
|
-
|
-
|
||||||
الميزان الكلي
|
0.22-
|
0.50
|
0.20
|
0.00
|
4.40-
|
6.30-
|
2.10-
|
1.16
|
1.78-
|
3.38-
|
7.57-
|
6.19
|
3.65
|
||||||
التمويل
|
-
|
-
|
0.2-
|
0.00
|
4.4
|
6.3
|
2.1
|
1.16-
|
1.78
|
2.38
|
7.57-
|
6.19-
|
3.65-
|
||||||
التغير في الإحتياطات الإجمالية
|
0.22
|
0.50-
|
0.1
|
-
|
1.1-
|
0.50
|
2.10-
|
3.38-
|
1.21
|
2.40
|
7.51-
|
6.05-
|
3.39-
|
||||||
إعادة الشراء من الصندوق
|
0.09
|
0.84-
|
0.20-
|
0.3-
|
0.70
|
0.30
|
0.60
|
0.35-
|
0.45-
|
0.36-
|
0.10-
|
0.14-
|
0.30-
|
||||||
التغير في الالتزامات الأخرى بنك
الجزائر
|
-
|
-
|
-
|
0.30
|
0.00
|
1.10-
|
0.10-
|
0.00
|
-
|
0.05-
|
0.00
|
0.00
|
0.00
|
||||||
الديون المعاد جدولتها
|
-
|
-
|
-
|
-
|
4.49
|
4.94
|
3.53
|
2.22
|
0.52
|
0.00
|
0.00
|
0.00
|
0.00
|
||||||
ميزان المدفوعات المدعم المتعدد
الأطراف
|
-
|
-
|
-
|
-
|
0.38
|
0.63
|
0.20
|
0.34
|
0.13
|
0.08
|
0.04
|
0.00
|
0.04
|
||||||
الإحتياطيات من غير الذهب
|
0.80
|
1.60
|
1.50
|
1.50
|
2.60
|
2.10
|
4.20
|
8.04
|
6.84
|
4.40
|
11.90
|
17.96
|
23.11
|
||||||
بالأشهر للواردات
|
0.8
|
2.0
|
1.80
|
1.90
|
2.82
|
2.08
|
4.48
|
9.39
|
7.56
|
4.58
|
12.19
|
18.08
|
19.14
|
||||||
سعر الوحدة المصدرة من البترول الخام
( دولار برميل )
|
24.4
|
20.4
|
20.10
|
17.80
|
16.30
|
17.60
|
21.70
|
19.49
|
12.9
|
17.91
|
28.50
|
24.85
|
25.24
|
||||||
المصدر
: بنك الجزائر : - سنوات ( 1990 –1998 )
-
Banque D’Algérie . Rapport 2001." Evolution économique et monétaire en
Algérie " Juillet 2002 . ( 1999 – 2001 ).
وكان لهذه الظروف
أثرا إيجابيا على الميزان التجاري إذ انتقل الفائض فيه من 0.2 مليار دولار سنة1995
إلى 5.69مليار سنة 1997 ويبقى رصيده سنة 1998 متأثرا بتراجع الصادرات حيث تراجع
الفائض فيها إلى 1.28 مليار دولار. ومنذ 1998 سجل رصيد الميزان التجاري تحسنا
ملحوظا، إذ أدت أسعار المحروقات من سنة إلى أخرى إلى رفع رصيد الميزان التجاري.
I-3-2- على
مستوى صافي خدمات غير العوامل ودخل العوامل ومدفوعات الفوائد:
تسجل خدمات غير
العوامل وضعا شبه مستقر تراوح في عمومه ما بين (1-)و(1.5-) مليار دولار كصافي سلبي
يعكس أن مستوى التدفقات الخارجية من الجزائر اكبر من تلك الداخلة إليها. وهذا يشير
إلى الطبيعة المختلة للعلاقات المالية للجزائر مع الخارج، ذلك أن التدفقات الداخلة
لا تفوق مليار دولار خلال طول الفترة، لنجد الخارجة منها وصلت إلى 2.24 مليار
دولار ( 1 ).
ونسجل نفس الاختلال
على مستوى بند دخل العوامل، ذلك أن حجم التوظيفات المقيمة في الخارج ضئيلة
بالمقارنة مع حجم التوظيفات الأجنبية بسبب عجز راس المال المحلي على المنافسة في
مجال التوظيف في الخارج.
ومثل هذا الوضع يعكس
حجم التسرب والتحويل العكسي للموارد تجاه الخارج، خاصة مع تنامي حجم الاستثمارات
الأجنبية في مجال المحروقات، إذ أن المداخيل المحمولة إلى الخارج تجاوزت دائما
حدود المليارين في حين أن الداخلة لم تستطع تجاوز ربع المليار في افضل الأحوال
باستثناء سنة1998، هذا إذا أضفنا أيضا مدفوعات الفوائد على القروض.
جدول: مجموع التدفقات
المالية الخارجة المرتبطة بالعوامل وغير العوامل للفترة (1990-2002).
الوحدة: مليار دولار
أمريكي
1990
|
1991
|
1992
|
1993
|
1994
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
2000
|
2001
|
2002
|
|
صافي
خدمات غير
العوامل
|
1.2-
|
1.3-
|
1.4-
|
1.0-
|
1.2-
|
1.3-
|
1.4-
|
1.1-
|
1.5-
|
1.8-
|
1.4-
|
1.5-
|
1.18-.
|
صافي
دخل
العوامل
|
2.1-
|
2.2-
|
2.2-
|
1.8-
|
1.7-
|
2.2-
|
2.4-
|
2.2-
|
2.0-
|
2.2-
|
2.7-
|
1.6-
|
2.23-
|
مدفوعات
الفوائد
|
2.1-
|
2.3-
|
2.3-
|
1.9-
|
1.8-
|
2.3-
|
2.6-
|
2.1-
|
1.9-
|
1.8-
|
1.9-
|
1.5-
|
ـــــ
|
المجموع
|
5.4-
|
5.8-
|
5.6-
|
4.7-
|
4.7-
|
5.8-
|
6.4-
|
5.4-
|
5.4-
|
5.9-
|
6.1-
|
4.7-
|
3.41-
|
أما فيما يخص الحساب
الجاري لميزان
المدفوعات فقد سجل فائضا طوال الفترة الممتدة بين(1990-2001) باستثناء
سنتي(1994-1995) أين حقق عجزا، ففي سنة 2000بلغ حجم الفائض المحقق حوالي 9 مليار
دولار و 7مليار دولار سنة2001 لينخفض هذا الفائض الى4 مليار دولار سنة2002.
ويدعم فائض الحساب
الجاري لميزان المدفوعات الاتجاه المسجل سنة 2000 و 2001 ويسمح بالحصول على ميزان
مدفوعات مستقر على المدى المتوسط وإرساء افضل لقابلية التحويل التجاري للدينار( 1 )
.
I-3-3- على مستوى ميزان حساب رأس المال :
عرف ميزان حساب رأس
المال تدهورا من سنة 1990 إلى 1991 ليتحسن بالرغم من رصيده السلبي سنتي
(1992-1993) ليدخل
مرحلة من التفاقم سنتي (1994-1995) ليعرف نوعا من التحسن في السنوات اللاحقة،
ويعود هذا التحسن أساسا إلى انخفاض صافي التدفقات الرأسمالية إلى الخارج، ولقد
كان هذا التحسن محسوسا فلقد كان
بمقدار0.8 مليار دولار ما بين 1995 و1996 و1.01 مليار دولار حلال
الفترة(1996-1997) ليتعزز أكثر سنة 1998 ب 1.63 مليار دولار. أما في سنة 1999 فقد
سجل ميزان حساب رأس المال زيادة التدفقات باتجاه الخارج ب 2.44 مليار دولار أمريكي
( 1 )
. وبالنسبة لسنة 2000 سجل استقرار اتجاه حساب" رأس المال" نحو العجز (
خارج التمويل لدعم ميزان المدفوعات ).
صحيح إن نسبة خدمة
المديونية الخارجية قد انخفضت بشكل ملموس مقارنة بسنة1999، غير أن هذا الانخفاض
يفسره انخفاض معتبر لمبلغ تسديد اصل المديونية ( وليس ارتفاع اكثر لحجم الصادرات).
وعليه فان هذا العامل لم يقلص بشكل كبير العجز في حساب رأس المال.
كما أن الاستقرار في
تسديد القسط الأكبر من الواردات نقدا وتعبئة القروض التي كانت ضعيفة على غرار
السنوات الماضية يجعلنا ندرك أن ليس هناك ما يشير إلى تخفيف عجز حساب: رأس
المال" (2).
فمثلا سجل حساب رأس المال خروج رؤوس الأموال في إطار سديد صل الدين(1.4 مليار
دولار في السداسي الأول من سنة 2000) في ظرف يتميز بضعف تعبئة القروض الخارجية،
وهذا ما يترجم بعجز هذا الحساب (1).
أما بالنسبة لسنة
2001 فقد سجل حساب رأس المال عجزا متواصلا ( نتيجة المبالغ المتزايدة لتسديد
المديونية الخارجية وضعف تعبئة القروض المقيدة، نظرا لإنتهاء فترة التأجيل
المرتبطة بإجراءات إعادة الهيكلة) واستمر هذا العجز ولكن بنسبة ضئيلة نتيجة تزايد
الاستثمار الأجنبي المباشر.
وعموما يمكن القول أن
حساب رأس المال تميز خلال فترة التسعينات بعجز مستمر له أثره السلبي على ميزان
المدفوعات إلا أن هذا العجز عرف انخفاضا ملحوظا في السنوات الأخيرة وذلك يعود كما
سبق وأشرنا إلى تزايد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر نحو الداخل ، في الوقت الذي
شهد فيه الحساب الجاري فائضا معتبرا.
I-3-4- على مستوى الإحتياطيات الخارجية الرسمية :
لقد شكلت الاحتياطيات الخارجية في بداية
التسعينيات تهديدا كبيرا للاقتصاد الجزائري، إذ انخفضت في سنة 1990 إلى اقل من شهر
من الواردات وكان هذا يعكس إلى حد بعيد الوضعية المتدهورة التي كان يمر بها
الاقتصاد الجزائري الناتجة عن ضغط المديونية الخارجية وتراجع الصادرات في السنوات
اللاحقة ، إلا انه بعد إعادة جدول الدين الجزائري وبدءا من 1996 بدا تحسن المحسوس في مستوى الاحتياطات بلغ اوجه سنة 1997
، إذ وصل إلى 12 شهرا من الواردات تقريبا ،إلا أن تدهور أسعار النفط سنة 1998 أثر
على هذه الاحتياطات بانخفاض بنسبة %15 حيث تم استخدامه في مواجهة الالتزامات
الخارجية للجزائر
جدول تطور الاحتياطي الإجمالي الخارجي من غير الذهب
للجزائر 1990-2000
السنة
|
1990
|
1991
|
1992
|
1993
|
1994
|
1995
|
1996
|
1997
|
1998
|
1999
|
2000
|
الاحتياطي
|
0.80
|
1.60
|
1.50
|
1.50
|
2.60
|
2.10
|
4.20
|
8.04
|
6.84
|
4.40
|
11.90
|
المصدر:
بنك الجزائر مديرية الدراسات.
أما بالنسبة لسنوات
2000-2001 فقد عرفت احتياطات الصرف تحسنا كبيرا حيث بلغت 11.9 مليار دولار سنة
2000 مقابل 17.9 مليار دولار في ديسمبر 2001 .
إن هذه الزيادة
المتواصلة لاحتياطات الصرف (6 ملايير دولار في 2001 و7.5 مليار دولار في سنة 2000)
قد رسخت قابلية التحويل التجاري لدينار على نجاعة أفضل الميزان المدفوعات كما هو
الأمر بالنسبة لسنة 2000 ،كما ساهمت في توازن الصرف(1)
كما تعتبر وسيلة لدعم العملة الوطنية وضمان قابلية تحويلها في الصفقات التجارية
وبالإضافة إلى ذلك ،فهي تمثل "مؤشرا " للمستثمرين الأجانب الذين يتأكدون
من إمكانية تحويل أرباحهم لاحقا وكذا مداخيلهم ورؤوس أموالهم(1) .
وعموما يتوقف مستوى
الاحتياطات الخارجية في الجزائر على ثلاثة عوامل رئيسية:
-
حجم
المداخيل من الصادرات النفطية؛
-
مستوى
خدمات الدين الخارجي السنوية؛
-
الرصيد
الإجمالي لميزان المدفوعات.
يبقى أن نشير في ختام
أن الميزان الكلي عرف وضعية غير مستقرة.
انتقل فيها من الفائض
إلى العجز ،إلا أن أسوء سنتين في هذه الفترة كانتا 1994 و1995 أين بلغ العجز على
التوالي 4.4 ،6.6 مليار دولار أمريكي.وهي السنوات التي أنخفض فيها سعر البرميل من
النفط .
لقد حاولنا من خلال
هذا البحث معالجة موضوع ميزان المدفوعات و الذي يعتبر من أهم المؤشرات الاقتصادية
وأداة من أدوات التحليل الاقتصادي ، لمعرفة الوضع الاقتصادي لدولة ما في المدى
القصير ، بالإضافة إلي كونه بيان حسابي يسجل فيه قيم جميع السلع والخدمات
والمساعدات و كل المعاملات الرأسمالية و الذهب النقدي الداخلة والخارجة من البلد
خلال فترة زمنية . وتعرضنا في المبحث الثالث لوضعية ميزان المدفوعات في الجزائر و
التطورات التي مر بها حيث عرفت الجزائر في النصف الثاني من الثمانينات تدهور مستمر
في ميزان المدفوعات ، ويرجع ذلك لتدهور الميزان التجاري الجزائري نتيجة تدني أسعار
صادرات النفط وارتفاع الواردات من جهة و الهيكل الغير ملائم للديون الخارجية من
جهة أخرى .
أما في التسعينات فقد
بذلت الجزائر جهدا كبيرا لإصلاح الاقتصاد الجزائري، بالاعتماد علي برامج مدعومة من
طرف منظمات دولية و هذه التقلبات التي مست معظم قطاعات الاقتصاد الوطني والتي كان
لها بالغ الأثر علي الوضع العام لميزان المدفوعات وخاصة في ظل اتجاه الجزائر نحو
جذب رأسمال أجنبي .
27
قائمة المراجع
1–
عرفان تقي الحسيني، "التمويل الدولي"، دار مجدلاوي، عمان، الأردن، 2002.
2-زينب حسين عوض، " العلاقات الاقتصادية الدولية"،
دار القدح للطبع و النشر، الإسكندرية، مصر، 2003.
3-زينب
حسين عوض الله، " الاقتصاد الدولي" ، دار الجامعة الجديدة للنشر،
الاسكندرية، مصر، 1999.
4- سامي عفيفي حاتم،
"التجارة الخارجية بين التنظير والتنظيم"، الدار المصرية اللبنانية،
1994.
5-الجوزي
جميلة ،ميزان المدفوعات في الدول النامية في ظل العولمة . رسالة ماجستير جامعة
الجزائر 2000-2001 .
6- بقة الشريف و محمد
بوزهرة (بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية للعولمة ،حالة الجزائر) .الملتقي الأول
حول العولمة وانعكاساتها علي الدول العربية، جامعة سكيكدة 2001 .
7- لتيم حياة .(سياسة
سعر الصرف وتصحيح اختلال ميزان المدفوعات حالة الجزائر من 1964 – 1999 ) .رسالة
ماجستير .جامعة عنابة 2001 .
8-
محمد يونس .عبد النعيم محمد (أساسيات علم الاقتصاد) الدار الجامعية ،مصر2000
9-
أحمد مندور( مقدمة في الاقتصاد الدولي ) الدار الجامعية للنشر، مصر 1999 .
10-
بسام الحجاز ( العلاقات الاقتصادية الدولية ) المؤسسة الجامعية للدراسات والتوزيع
،بيروت ،لبنان 2003 .
11- المجلس
الاقتصادي والاجتماعي مشروع تقرير حول الظرف الاقتصادي والاجتماعي للسداسي الثاني
2002 الدورة العامة السابعة عشرة .
(1)-. محمود يونس ،عبد النعيم
محمد (أساسيات علم الاقتصاد) ،الدار الجامعية ،مصر،2000،ص: 380.
(4)- أحمد مندور( مقدمة في
الاقتصاد الدولي ) الدار الجامعية للنشر، مصر، 1999 ، ص:159
(1) - سامي عفيفي حاتم،
"التجارة الخارجية بين التنظير والتنظيم"، الدار المصرية اللبنانية،
1994، ص:102.
(*) – مضاعف التجارة الخارجية: هو النسبة بين الزيادة الكلية في الدخل
والزيادة الأولية في قيمته التي تترتب على الزيادة في الصادرات.
(1) – زينب حسين عوض الله، " الاقتصاد الدولي" ، دار الجامعة
الجديدة للنشر، الاسكندرية، مصر، 1999، ص:111.
(*) – سياسة التوازن بأوسع معانيها تعني السير على نظام يحقق النمو
الاقتصادي الأمثل بأدنى حد من اختلال التوازن داخليا وخارجيا.
(
1 )
- - لتيم حياة .(سياسة سعر الصرف
وتصحيح اختلال ميزان المدفوعات حالة الجزائر من 1964 – 1999 ) .رسالة ماجستير
.جامعة عنابة 2001.
ص 152.
( 2 ) - بقة الشريف و محمد
بوزهرة (بعض الآثار الاقتصادية والاجتماعية للعولمة ،حالة الجزائر) .الملتقي الأول
حول العولمة وانعكاساتها علي الدول العربية، جامعة سكيكدة 2001. ص 356.
17
23
(2) - المجلس الوطني الإقتصادي والإجتماعي .
مشروع التقرير حول الظروف الاقتصادي والإجتماعي للسداسي الثاني من سنة 2002 الدورة
العامة السابعة عشر ماي 2000. ص. 68.
24
(1)– تدخل
محافظ بنك الجزائر السيد عبد الوهاب كرمان أمام المجلس الشعبي الوطني. مرجع سابق
ذكره . ص . 19
25